التحقيق في الاحداث التاريخية الاسلامية والتي ترتبط بالبحوث العقائدية المهمة خصوصا تلك التي تعد محل خلاف واختلاف عند العلماء الاعلام والمحققين تشكل في كثير من الاحيان في تناول موضوعاتها قيمة علمية وبحثية عالية ومميزة ، فيما لو بُحثت من قبل من هو اهلا للعلم والتحقيق والامانة العلمية ليقول بذلك كلمته وتحقيقه الموضوعي بعيدا عن الميول العاطفية والاهواء ليقدم بذلك انموذجا في التحقيق التاريخي العقائدي في زمن قلما تجد فيه من يتصف بتلك الامانة العلمية ناهيك عن ندرتهم في القرون الماضية كونهم ايضا ممن كتب التاريخ وفق معطيات تدفع بها الميول العقائدية والضغوط السياسية والدنيوية
الا ان سماحة المرجع الديني الاعلى اية الله العظمى السيد الصرخي الحسني ( دام ظله المبارك) ابى الا ان يكون ذلك الانموذج النادر الاندر في التحقيق العلمي ليرفد العقول والنفوس بمحاضرات قل نظريها في تاريخ العلماء الاعلام والمحققين البارعين ضمن سلسلة محاضرات تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الاسلامي مبتدأ تلك السلسلة بشخصية المختار الثقفي وما يتعلق ويرتبط بها على مستوى حركته وعقيدته وامور اخرى ارتبطت به
حيث القى سماحته (دام ظله المبارك ) يوم الخميس الموافق 6 ربيع الثاني 1435 المحاضرة الثانية حول تلك الشخصية ، وتطرق خلال البحث الموضوعي الى مناقشة اراء العلماء والمحققين والاساتذة من الاموات والاحياء
فكان الكلام في عدة نقاط
النقطة الاولى : التذكير بمحاور المحاضرة السابقة وما فيها من جهات النقاش مضيفا اليها جهة اخرى تعتبر ضمن مناقشة الاراء نظرا لما عُرض عليه من استفتاءات واجوبة بهذا الخصوص صادرة من بعض الاساتذة الاحياء من قبيل استفتاء وجه الى السيد السيستاني ( دام ظله ) حول قضية المختار والشبهات التي تحوم حول شخصيته وثورته ، حيث كان جواب مكتب السيد السيستاني (دام ظله ) وفق رأي السيد الخوئي ( قدس سره ) في معجم رجال الحديث بان المختار كان مرضياً عند الله ورسوله والائمة الطاهرين (صلوات الله على نبينا واله الكرام ) كما ذكر الخوئي رحمه الله ، وعلق سماحته (دام ظله ) على ذلك بان المفروض ان يكون الجواب وفق رأي من وجه له السؤال لا ذكر رأي السيد الخوئي .
النقطة الثانية : قراءة عدد من الروايات والتي تشير الى ما فعله المختار وقادته مع قتلة الامام الحسين (عليه السلام ) من قتل وحرق وتجريد الثياب ورمي بالسهام ومن تهديم البيوت ومن رمي الاخرين وسط الدهن المغلي. وكذلك ما فعله مع اقرب المقربين له ومع من اعطاهم العهود والمواثيق حين طلبوا الامان منه.
النقطة الثالثة : ناقش سماحته ( دام ظله ) رأي استاذه السيد الصدر الثاني ( قدس سره ) والذي ذكره في كتابه ( شذرات من فلسفة تاريخ الامام الحسين عليه السلام ) وتحت عنوان اخلاص المختار وفيه ينفي الكيسانية مطلقاً ويعتبرها من نبز الاعداء ضد مذهب الامامية، وعلق سماحة السيد الصرخي الحسني (دام ظله) على ذلك، ان السيد الصدر او من حقق الكتاب قد ذكر ثلاث مصادر من المصادر الشيعية في الهامش تشير الى وجود مذهب الكيسانية، فكيف ينفي السيد الصدر قدس سره وجود الكيسانية اطلاقا ؟!.
النقطة الرابعة : التعرض في النقاش لصاحب البحار المجلسي بخصوص ما نقله عن قضية المختار كون المجلسي بعد ان يعطي رأيه بفضل المختار وثورته وانه جرت على يديه الخيرات الكثيرة يقول ” ..وأنا في شأنه من المتوقفين ..” ” فكيف يعطي الرأي بفضله ثم يتوقف في شأنه ؟؟ ،
النقطة الخامسة : تطرق سماحته ( دام ظله ) الى ما ذكره ابن نما الحلي بخصوص المختار وثورته واخذه للثأر ، معتبراً ان كلام ابن نما الحلي هو رد على نفي السيد الصدر قدس سره للكيسانية حيث يقول الحلي ” وما زال السلف يتباعدون عن زيارته .. وينسبوه الى القول بإمامة محمد بن الحنفية …” ، فها هو السلف قد تباعد عن المختار وعن نشر فضائلة ، وها هو السلف قد نسب المختار الى مذهب الكيسانية والذي يؤمن بإمامة محمد بن الحنفية .