بيان رقم – 29 –(( جريمة سامراء…واجتماعات للانتهازية والسرقة والخداع ))
س : بعد أحداث سامراء الأليمة الدامية وما ترتب عليها من انتهاكات للحرمات وسفك للدماء حصلت العديد من اللقاءات والاجتماعات والمؤتـمرات ، وقد دُعي مكتبنا لحضور أحد الإجتماعات , وكان غرض الإجتماع هو مناقشة ما صدر في اجتماع سابق لم نكن حاضرين فيه لأننا لم نكن مدعوين له أصلاً , وطُلِب منا إعطاء الآراء بهذا الخصوص , وقد أعطينا بعض الآراء ، لكن هذا لا يشفي الغليل ولا يصيب الواقع , نطلب منكم النصح والإرشاد والتوجيه والحلول لهذه المسألة , ونرفق لكم بعض التفاصيل عن ذلك .
ج : بسم الله العزيز الحكيم :-
فيما يخص الجريـمة القذرة البشعة في انتهاك حرمة وقدسية وطهارة وكرامة النفوس الكاملة العالية السامية الإلهية للإمامين العسكريين (عليهما السلام) وما يترتب عليها ، وفي خصوص الإجتماع الذي دُعيتم اليه : أقول ، الكلام كثير وكثير …. لكن أذكر بعض الأمور :
الأول : أنتم تقولون أن الإجتماع حصل بين الأطراف 1 ، 2 ، 3 ……وأنتم لستم من الأطراف ، وبإقراركم أنتم لستم من الأطراف ، فإذا كنت بنفسك تستصغر وتذل وتهين نفسك وتجرح كرامتك وتحتقر ذاتك وتلغي فكرك ووجودك فماذا تتوقع من الأطراف الأخرى ؟!! وكيف تنظر إليك ؟!!
الثاني : عليك أن تسأل نفسك في هذا الموقف وأمثاله ، هل حضرت كمتفرج محايد ، أو كمشجع لأحد الأطراف ، أو حضرت لتكثير سواد لأحد الأطراف الذي يعتقد في نفسه أنه استطاع أن يروّضك ويحرّكك كيفما يشاء ومتى أراد ؟!! وإذا كنت غير حاضر في أصل الإجتماع فما هو معنى وعنوان حضورك في اجتماع لاحق تناقش فيه ما صدر في اجتماع سابق لم تكن طرفاً فيه؟!!!
الثالث : المفروض أننا مؤمنون صادقون واعون ندرك حقائقَ الأمور وظواهرَها ولو إجمالاً فلا يصح أن ننخدع وأن نخدع أنفسنا بأن نقول : إن حضورنا للنصح والإرشاد والتوجيه فإنّ مَنْ يحتقرَك ويهينَك ويلغيك كيف يأخذ ويقبل منك النصح والإرشاد والتوجيه ؟!!
الرابع : حكيتم وحكينا وقلتم وقلنا وصرختم وصرخنا معكم ، ونصحتم وأرشدتـم ووجهتم واصدرتـم البيانات تلوَ البيانات ، وخرجتم في تظاهرات ومسيرات وأوصلتم كلمتَكم وكلامَكم ومواقفَكم الى جميع الأطراف دون استثناء ، ولو أخذوا بـما قلتم لما وصلنا الى هذا الوضع والحال المأساوي المقيت المرعب القاتل المميت المذل المهين ، فلو كانوا يأخذون النصح ويعملون به لَأخذوه سابقاً !!
الخامس : وبعد هذا وذاك وغيره ، أي نصح وإرشاد وتوجيه تطلب وأي حلول تريد ؟!!! من يسمع من يفهم من يعي من يتعظ من يعتبر؟!!
السادس : أعزائي أنتم الأتقى والأنقى والأزكى والأعلى ، أنتم الأطهر والأنبل والأخلص ، أنتم الأشرف والأكرم والأرفع ، أنتم الأعلم والأقدر أنتم الأجلّ والأعزّ ، أنتم القدوة الحسنة والمثل الأعلى ، عدوّكم ومحبكم القريب منكم والبعيد عنكـم يعرف ذلك ويتيقَّنَه ، فقلوبُهم مستيقِنة ذلك لكن بعضهم بل الكثير منهم يكذبون ويجحدون ويستكبرون .
السابع : لابد ان تعلموا انه علينا أن نتواضع لله تعالى لا للأشخاص والجهات ، وعلينا أن نتكبر لله تعالى على المستكبرين والمنكرين والجاحدين ، وعلينا أن نكون حجة وبلاغاً على أنفسنا وعلى غيرنا .
الثامن : يجب أنْ نَكونَ قدوة ومثلاً أعلى لكن مع عزَّتنا وكرامتنا وشرفنا وطهارتنا وتأييد الملائكة لنا وتسديد النبي المصطفى وآله وخاتمهم المهدي (عليهم السلام) لنا ، وليأخذ الغير منّا وليتعلّم ويتمثّل بنا ، ليقلّدنا ويتّبعنا في عِلْمِنا وفِكْرِنا وفي أعمالِنا وأقوالِنا وسلوكِنا ومجاهداتِنا ، ونسأل الله تعالى له ولنا التوفيق والتسديد والصدق والصدق والصدق…والإخلاص ، والله من ورائنا سميع بصير محيط عليم .
التاسع : المهم جداً أن نعرفَ قدرَ أنفسِنا ، والأهم من ذلك أن يعرف المقابلُ قدرَنا ومقدارَ فِهْمِنا وعِلْمِنا وإدراكِنا ونباهَتِنا ، والمهم بل يجب أن نعرفَ ويعرفَ المقابلُ الفرقَ بين أمرين :
الأول: أن نكتبَ أو نقولَ أو نفعلَ ، وأن نصدرَ المنشورَ أو البيان أو الكتاب أو النشرة ، وأنْ نخرجَ بـمسيرة أو تظاهرةٍ أو موكبٍ أو عزاءٍ , وأن نلتزم بدرسٍ وعملٍ صالحٍ عِباديٍّ ومجاهدةٍ نفسيّةٍ أو جسدية أو روحية…..والمقابل يسرق وينسب الفعل والقول أو البيان أو العبادة أو الدرس لنفسه ، فهنا السرقة واضحة ، وفي نفس الوقت فان كرامتنا وعزتنا وفكرنا ونفوسنا مصانة وغير منتهكة من حيث أننا لم نُعْطِ المبرِّرَ للمقابل بأن يسرِقَ ويقولَ أو يفكِّرَ ويعتقدَ أنه استغفلنا وانتقصنا واستخفَّ بنا .
الثاني : أن يطلب منّا المقابل أن نَكتب له بياناً أو يُرسِلَ عليْنا ويدعونا إلى إجتماع وتجمّع لا لشيء إلاّ من أجل أن يسرقَ أفكارنا ثم ينسبها لنفسه ، ومع وجود الأنا والهوى والمكر والخديعة ، فالمفسدة واضحة ، وهنا السرقة متحققة ويضاف اليها جرح وقدح في نفسي وكرامتي وفكري حيث أعطيت المبرر للمقابل للقول أو التفكير والاعتقاد بأنه استغفلني وانتقصني ،
ومن الواضح أنّ الأمر الثاني أسوأ من الأول ، لأننا في الثاني نساهم في تحقيق وتفعيل القبح والمفسدة ، أما الأمر الأول فلا تبعة به علينا بل نحن على خير والى خير وفي خير .
والله الموفق والمسدد والعالم
السيد الحسني
24 /ربيع الاول/ 1427هـ
22 /4/ 2006م