للسيد الأستاذ.. “حلول أو اتحاد.. تكثّر آلِهَةٍ وأقانيمَ مُحدَثة.. مقارنة الأديان”
بحث يُلقيه أساتذة وباحثون مختصون بالفكر الإسلامي
د. حيدر الخزاعي.. الباحث حسين الخليفاوي.. الباحث سليم الخليفاوي
ضمن سلسلة بحوث: “مقارنة الأديان بين التقارب والتجاذب والإلحاد”
الديوانية | المركز
فيديوات أخرى في قناتنا على يوتيوب.
من موقع الأنبا تكلّا نقتبس مورداً يشير إلى المعاني السابقة -في بحث “لا أزليّة ولا لاهوت.. في اتّحاد اللاهوت بالناسوت” – من أنّ موت عيسى تحقّق بانفصال النفس عن الجسد أو الروح البشرية عن الجسد البشري، أمّا اللاهوت فبقي متّحداً مع جُزئَي الناسوت بعد الموت، حيث قال: “انفصلت نفسه عن جسده ولاهوته لم ينفصل قطّ عن نفسه ولا عن جسده. انفصلت الروح البشرية عن الجسد البشري، ولكن اللاهوت لم ينفصل عن أيٍّ منهما وإنّما بقي متّحداً بهما كما كان قبل الموت، وكلّ ما في الأمر أنّه قبل الموت كان اللاهوت متّحداً بروح المسيح وجسده ةهما أي الروح والجسدمتّحدان معاً. أمّا في حالة الموت فكان اللاهوت متّحداً بهما وهما منفصلان عن بعضهما البعض، أي صار متّحداً بالروح البشرية على حِدَة ومتّحداً بالجسد على حِدَة.
والدليل على اتّحاد اللاهوت بروح المسيح البشرية أثناء موته أنّ روح المسيح المتّحدة بلاهوته استطاعت أن تذهب إلى الجحيم وتطلق منه ىكلّ الذين كانوا راقدين فيه على رجاء من أبرار العهد القديم وتُدخلهم جميعاً إلى الفِردوس. والدليل على اتّحاد اللاهوت بجسد المسيح أثناء موته أنّ هذا الجسد بقي سليماً تماماً واستطاع أن يقوم في اليوم الثالث ويخرج من القبر المغلَق بقوّة وسرٍّ، هي قوّة القيامة. وما الذي حدث في القيامة إذن؟ حدث أنّ روح المسيح البشرية المتّحدة باللاهوت أتت واتّحدت بجسده المتّحد باللاهوت ولم يحدث أنّ اللاهوت فارق الناسوت، لا قبل الموت ولا أثناءه ولا بعده”.
أقول: هل يفهمون معنى الحلول والاتّحاد؟ هل اختاروا من بين الأقوال معنى الحلول والاتّحاد بحيث يبنون عليه مبانيهم وبراهينهم وحججهم؟ وهل يوجد عندهم خلط بين معنى الاتّحاد ومعنى الحلول؟ أو أنّ الحلول والتّحاد عندهم بمعنى واحد؟ والآن نترك الحديث عن وحدة الوجود لعدم ترتُّب فائدة عليه في المقام، ونذكر بعض الكلام لتقريب المعنى وفهم الفكرة:
الحلول هو أن يحِلّ ويحصل وينزل أحد الشيئين في الآخَر كحلول الماء في الكأس بحيث تكون الإشارة إلى أحدهما إشارة إلى الآخَر وبحيث يبقى كلٌّ منهما متميِّزاً عن الآخَر وتبقى طبيعة كلٍّ منهما كما هي ولا تكون طبيعة ثالثة جديدة فالماء يبقى على طبيعته كما هي وكذلك الكأس يبقى على طبيعته كما هي. وإلى هذا المعنى يرجع القول بحلول الله الخالق في المخلوق كحلول اللاهوت في الناسوت، حيث تبقى الطبيعتان كما هما ولا تتكون طبيعة ثالثة جديدة. والسؤال هنا عن عيسى المسيح الذي يؤلهونه ويعبدونه ويقولون أنّه أُقنوم وأنّه هو الله، فهل أُقنومية عيسى متقوِّمة بطبيعته اللاهوتية والناسوتية؟ أي بطبائعه الثلاث اللاهوتية والناسوتية الجسدية والناسوتية الروحية أو أنّ أُقنوميته متقوِّمة بطبيعةٍ منها دون غيرها؟ وهل أنّ ألوهية عيسى متقوِّمة بطبيعته اللاهوتية والناسوتية أي بطبائعه الثلاث اللاهوتية والناسوتية الجسدية والناسوتية الروحية أو أنّ ألوهيّته متقوِّمة بطبيعة منها دون غيرها؟
فإذا كانت الأٌقنوميّة والألوهية مرتبطة بكلّ طبائع المسيح فإنّه يستلزم تعدُّد الأقانيم والآلهة وتعدُّد اللاهوت، حيث يكون عندنا أُقنوم وإله ولاهوت قبل الحلول قبل الإتّحاد يختلف عن الأُقنوم واللاهوت والإله بعد الحلول، حيث أنّ الناسوت مُحدَث قد وُجِد عند الحَمْل أو بعده بفترة، فيكون الحلول فيه أي الاتّحاد به حُلولاً مُحدَثاً. وكذلك تعدُّد الأقنوم والإله واللاهوت عندما مات عيسى بانفصال روحه عن جسده، أي انفصال روحه الناسوتي عن جسده الناسوتي فصار حلول أي اتّحاد اللاهوت معهما وهما ميّتان مفترقان متفارقان حلولاً مُحدَثاً مختلفاً باللِحاظ والحقيقة عن الحلول الذي سبق الموت.
الإتِّحاد هو امتزاج واختلاط شيئين حتّى يصيرا شيئاً واحداً كما في السكّر الذائب في الماء حيث تكوّن الماء المحلَّى بالسكّر وهو طبيعة جديدة ثالثة تختلف عن طبيعة الماء وتختلف عن طبيعة السكَّر. وإلى هذا المعنى يرجع القول باتّحاد الله الخالق بالمخلوق اتِّحادَ اللاهوت بالناسوت، حيث تتكوّن طبيعة ثالثة جديدة تختلف عن طبيعة اللاهوت بما هي لاهوت وتختلف عن طبيعة الناسوت بما هي ناسوت. فالطبيعة الثالثة الجديدة لا تَصدُق على الناسوت بما هو ناسوت ولا تَصدُق على اللاهوت بما هو لاهوت بل هي طبيعة تَصدُق على اللاهوت والناسوت بما هما متَّحدان وممتزجان ومختلطان ومُندَكّان في بعضهما البعض، ولا نحتاج إلى مَؤونة حتى نفهم أ،ّ هذا يعني أنّها طبيعة جديدة مُحدَثة وأنّه أُقنوم جديد مُحدَث وأنّه إله جديد مُحدَث.
وكما في الحلول فإنّه تأتي هنا العديد من الاستفهامات، ونكتفي بالتنبيه إلى ـأنّ الطبيعة المُحدَثة الناتجة من الاتّحاد فإنّها طبيعة متكوّنة من الأصل من ثلاث طبائع: اللاهوت والجسد الناسوت والروح الناسوت. فهل الموت يتحقّق بانفصال الثلاثة بعضهم عن بعض فيَنتُج ثلاث طبائع؟ أو أنّ الموت يتحقّق بانفصال الروح فقط فيَنتُج طبيعتان: طبيعة الروح وطبيعة اللاهوت والجسد معاً؟ وهذه الطبيعة الأخيرة المتكونة من اللاهوت والجسد معاً هي طبيعة جديدة مُحدَثة فهي أُقنوم مُحدَث جديد وإله مُحدَث جديد. وبهذا ستتعدَّد الأقانيم والآلهة والعديد منها مُحدَث وليس بقديم ولا بأزليّ. سبحان الله وتقدَّس عَمّا يقولون!
ونكرّر القول:
الآراء والمزاعم كثيرة جداً لا يمكن إحصاؤها لأنه لا يوجد ضابطة ولا مرجعية لغوية أو عرفية يمكن الرجوع إليها، بل لا يوجد حتّى مرجعية إشارتية رمزية نرجع إليها، فكل قول ورأي يصدر من قس ورجل دين أو مفسر بل حتى من غيرهم فهو رأي مسموح ومقبول بل مشرعَن ومقدَّس وصادر أو مؤيَّد ومُمضى من الروح القُدُس المعزّي والابن يسوع المسيح والآب ومن الله الآب الابن الروح القُدُس.
ولا غرابة في ذلك عندما نعلم أنه يأتي شخص أو أكثر فيدّعي أنّه قد حصلت له كرامة بسبب شخص متوفى في رؤيا أو عند قبره بسبب عَرض ممتلكاته فيصير المتوفي ممجَّداً ومقدَّساً وثقةً جليلاً وذا فم ذهبي وما صدر عنه من كلام فهو كلام نوراني ربّاني قد صدر بوحي وإمضاء الروح القُدُس! وكما يحصل في أيامنا هذه من تقديس مفاجيء مزعوم لأموات بل لقبور مجهولة لا يعلم أحد أنها قبور أصلاً! فضلاً عن أن يعلموا حقيقة من مدفون فيها! وتقديس المركبات وأعمدة الكهرباء والحيوانات والأشجار وغيرها من أمور وسط الجهل والتجهيل المقصود من أجل السيطرة على البسطاء وإسكاتهم عن كل ما يحصل من فساد وإفساد! بل لجعلهم يقدّسون الفساد والمفسدين والإفساد! نعم يوجد فرق بين تجهيل وتجهيل وبين تقديس وتقديس، فالتقديس الباطل عندنا تقديس جهلاء العالم الثالث والمجتمعات الشرقية والشعوب الفقيرة والناس المتخلفة غير المتطورة والمجتمعات المقهورة المستعمَرة، ووراء كل ذلك أنه تقديس منسوب للإسلام!! بينما التقديس عندهم تقديس عالم الغرب والعلمانية والتكنولوجيا ومجتمع الانفتاح والتعرّي والتحلّل والتميّع والإلحاد المقرون والمنسوب زيفاً للكنيسة ودين المسيح، والمسيح منهم براء والكنيسة المقدَّسة على منهج عيسى وأمه العذراء بريئة من ذلك كله، كما أنّ الإسلام ونبي الإسلام وآل بيته وأصحابه الأخيار بريئون من ذلك الجهل والتجهيل والانحراف في الفكر والعقيدة والسلوك.