وأكد الأستاذ البديري : تجلّت تلك العناية النبوية في الخصائص الفريدة التي تحلّت بها الزهراء عليها السلام ، فكانت سيدة النساء وأفضلهن في العلم والأدب والفصاحة والبيان والخلق الرفيع والعبادة ومكارم الأخلاق ولم تنل فاطمة عليها السلام مرتبة السيادة السامية لاَنّها بنت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحسب ولكن الله تعالى اختارها وفضّلها على نساء العالمين وأكرمها بما جاء على لسان الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى من الأحاديث الجمّة في بيان خصائصها ومكارم أخلاقها عليها السلام ، كما أنّها أجهدت نفسها في مرضاة الله عزّ وجلّ واستحقّت شرف الحصول على هذه المرتبة بفضل زهدها وإخلاصها ويقينها وعبادتها وإنفاقها وجهادها وصبرها وتحملها في سبيل الله ، فكانت رمزاً وقدوة للمرأة في المجتمع الإسلامي .
وبين الأستاذ محمد البديري : ومن هنا حظيت بمناقب فذّة ومزايا عجيبة ، فكان زواجها بأمر الله تعالى ، وكانت من ضمن خمسة أهل الكساء عترة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وفرض مودتهم على جميع الخلق ، وأوجب التمسك بهم والاقتداء بهديهم بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، واختصها الله تعالى بقوله في آية المباهلة : ( ونساءنا ونساءكم ) فتفرّدت بنيل ذلك الشرف من دون نساء الاُمّة ، وجعل الله تعالى في نسلها الذرية الطاهرة من آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وفي ذلك شرف لا يضاهى وفضل لا يدانى اضطلعت الزهراء عليها السلام بمهمة لا تقل عن مهمة مباشرتها لأعمال المنزل ، تلك هي تربية الأولاد ، فقد وهبها الله كرامة أُمومة الأوصياء ، وأعطاها شرف الربط بين النبوة والإمامة ، وقد استطاعت أن تجني من نتاج تربيتها أقدس الثمار ، فكان الحسن والحسين عليهما السلام وزينب وام كلثوم حيث غرست الزهراء عليها السلام في نفوسهم خصال الخير ومكارم الأخلاق ومعالي الفضيلة .