المركز الإعلامي/إعلام الحيانية
أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد الإمامِ صاحب الزمان (عليه السلام) بإمامة الشيخ محمد السعداوي (دام عزه) وذلك في يوم الجمعة 3 / 8 / 2018 م الموافق العشرون من شهر ذي القعدة الجاري من عام 1439 هـ ،
وقد تحدث في الخطبة الاولى حول مفهوم العبادة حيث ان هناك الكثير من الآيات الَّتي تدعو الإنسان وتدفعه نحو الالتزام الدقيق بعبادة الله في مختلف السور القرآنية، وفي عشرات المواقع، سواءً باللفظ أو بالمعنى والمضمون، مبيناً “لو تأمَّلنا في المعنى اللُّغوي لكلمة عبادة لرأينا أنَّها تدلُّ على معنى الخضوع والتذلُّل الكاملين، وذلك لا يكون إلَّا لله سبحانه وتعالى ، ولكنَّ المعنى الَّذي أراده الله سبحانه وتعالى من كلمة العبادة في القرآن الكريم هو: الطاعة، من خلال الالتزام بأوامر الله ونواهيه، فعبادة الله سبحانه وتعالى تعني طاعته وتنفيذ ما أمر به. وهكذا لا بَّد للعابد أن تكون له علاقة بمعبوده وخالقه تعبِّر عن العوامل الَّتي دفعته لممارسة العبادة والطاعة. وتعبِّر عن محبته له وشوقه إلى لقائه وخوفه من غضبه، ولعلَّ هذه العلاقة، هي الَّتي أراد الله سبحانه وتعالى للإنسان أن يعيشها في حياته بأيِّ شكلٍ من أشكالها. فهو سبحانه وتعالى حدَّثنا عن ضرورة ذلك حين جعل العبادة غايةً وهدفاً لخلق الإنسان وإنما أراد الله من النَّاس أن يعبدوه من أجل أن يحقِّق الإنسان سعادةَ نفسه فالله عزَّ وجلَّ ــ وهو الغني ــ ليست له أيُّ حاجةٍ في عبادتنا. والله سبحانه وتعالى كذلك هو الأعلم بالإنسان، بداخله وبكل ما في نفسه، وبكل وجوده في حاضره ومستقبله، لذلك فهو الأعلم بكلِّ ما يصلحُه ويفسدُه، وبما أنَّه الحكيم العادل، فلا بدَّ أن تنطلق كلُّ تعاليمه وتوجيهاته من مقتضيات علمه بما يفيده ويصلحُه وبما يضرُّه ويفسده. فهو أعلم من نفس الإنسان بذلك؛ وتجاربُ الإنسان مهما كانت كبيرةً وعميقة، فإنَّها لن تعطيه كل تفاصيل الصلاح والفساد كي ينطلق منها لتشريع الأحكام الواردة في ذلك، من هنا لا بد للإنسان أن ينفتح على الله في عبادته من أجل أن ينفتح على صالحه وخيره وسلامة واقع حياته”.وتابع السعداوي “وقد يتصوَّر البعض أن العبادة هي مجرَّد طقوس معيَّنة كالصلاة والصوم والدُّعاء يؤدِّيها الإنسان ويقوم بها ليكون عابداً لربِّه، مهما كان أسلوبه وتصرُّفاته في قضايا حياته الأخرى، في حركته الخاصَّة أو في علاقته بالناس من حوله، ولكن الَّذي نفهمه من معنى العبادة أنَّ الإنسان بإمكانه أن يكون عابداً لله في كلِّ شيءٍ يعيشه في حياته، فكما يحقِّق ذلك من خلال صلاته وصومه وحجِّه وما أشبه ذلك من طرق العبادة كالدعاء والذكر والتسبيح وقراءة القرآن وأمثال ذلك، فإنَّه يحققه من خلال عمله وحركة علاقاته في الحياة” ونوه”وكلَّما عاش الإنسان حياة الصدق والأمانة مع الله والإنسان في مواقفه ومعاملاته الحياتية، كلَّما كان يعيش واقع العبادة لربه. وفي المقابل كلَّما كان بعيداً عن هذه المفاهيم -مفاهيم الصدق والأمانة- كلَّما كان منحرفاً عن خط عبادة الله عزَّ وجلَّ وخطِّ طاعته، حتَّى لو كان يؤدي بعض العبادات كالصلاة والصوم وغيرها،فليس المهمُّ فقط في الإيمان والعبادة أن يؤدِّي الإنسان الصوم والصلاة والحج أو يطيل لحيته ويقوم ببعض الأدوار العملية وينتهي عن بعضها الآخر، بل المهم كذلك أن ينطلق في كلِّ ذلك من روحانيَّةٍ يعيشها في علاقته بالله عزَّ وجلَّ، تنطبع على كلِّ لمحةٍ من لمحات حياته، وكلِّ تصرُّفٍ يقوم به فيها، بل إنَّ دور الصلاة والصوم والحج وأمثالها في حياة الإنسان إنما هو تصفية نفسه وتنقيتها، انَّنا يمكن أن نعبد الله في كلِّ تفصيلات حياتنا، ومن أبرز أشكال العبادة الاهتمام بأمور المسلمين وشؤونهم، فالمسلم يشعر بارتباطه بإخوانه المسلمين في كل مكان، فيتألم لآلامهم، ويفرح لأفراحهم، ويبذل ما يستطيع لتفريج كُرُباتهم، وأقل أحواله أنه لا يغفل عن الدعاء لإخوانه بظهر الغيب”.
وفي الخطبة الثانية تحدث السعداوي حول تطلع البشرية الى اطروحة عادلة تنتشلها من الحرمان والظلم والجور ، موضحاً “ان البشرية المعذبة بنيران الظلم والاضطهاد والحرمان والبؤس والفقر والشقاء تتطلع الى اطروحة عادلة صادقة واقعية تخلصها مما هي فيه بعد ان جربت كل الاطروحات الارضية الغير مرتبطة بالسماء وقد اصبحت على يقين تام ان هذه الاطروحات غير قادرة على انعاش الانسان وايصاله الى الكمال المطلق من الامن والامان والراحة الذهنية والنفسية وحتى وان راينا بعض الازدهار في بعض البلدان في الشرق او الغرب فهو ازدهار جزئي وليس كلي وهو ايضا لايتناسب مع حجم الثروات التي خلقها تعالى لبني البشر فقضية المصلح قد اصبحت اليوم قضية لا مناص من طلبها والتعويل عليها مع اختلاف الفكرة لدى بني البشر عن ماهية المصلح ودينه وعقيدته ولغته الا ان الجميع ينتظر ذلك المصلح وتلك المدينة الفاضلة التي تحدث عنها الحكماء والفلاسفة وعندما اقول الجميع اعني الشعوب كل الشعوب حتى تلك التي تشهد ازدهارا جزئيا اما الحكام والطغاة فان شخص المصلح يشكل هاجس خطر على نفوذهم وطغيانهم وجبروتهم” ، وتابع ” ان اصحاب المنقذ المخلص الموعود من صنف ونوع وقابليات مختلفة عن اصحاب واتباع غيره ممن يدعون الاصلاح والسبب هو انه عليه السلام يريد قيادة تحظى بثقة المجتمعات باجمعها وتكون هذه القيادة بلسما لجراح المعذبين والمحرومين في اصقاع العالم فهؤلاء النخب والقادة الذين يكونون نواة ظهور هذا المصلح ليس لهم نظير في هذا العالم الممتلئ بالمحسوبية والتحزب الضيق بل هم خدم للمجتمع يسعون جاهدين في خدمة الانسانية والارتقاء بوضعها المعيشي والفكري والاخلاقي فيصبح المهدي عليه السلام المخلص واصحبه نموذجا فذا فريدا من نوعه وهذا مما لاشك فيه فانه عليه السلام سوف يثبت جمال الحكومة الالهية واختلافها الجذري عن كل الحكومات التي حكمت وتسلطت في عصر الغيبة وماقبلها وسوف يدخل عدله كل بيت وكل ارض ولن يبقى هناك فقير ولامحروم وايضا لايوجد اي فاسد او منحرف وهذا يدل وبوضوح على ان الامام عليه السلام هو واصحابه خير قدوة حسنة للبشرية وخير مطبق لتعاليم جده الرسول صلى الله عليه واله وسلم ولعل السبب في التغيير هو السلوك الواقعي العملي الذي يطبقه المهدي عليه السلام هو و القادة في جيشه المبارك”.