يواصل المرجع الديني السيد الصرخي الحسني (دام ظله) في القاء المحاضرات التحليلية الموضوعية في التاريخ السلامي حيث القى سماحة المحقق الصرخي المحاضرة 24 من بحثه ((وقَفَات مع.. تَوْحيد التَيْمِيّة الجِسْمي الأسطُوري)) والتي بين فيها (كما ذكر ابن الأثير) ان أئمة الدواعش المارقة الظلمون لاحقوا أهل السنة وحاصروا مدنهم وبأمضاء وسكوت من الخليفة العباسي والفاطمي ؟؟!! واستفهم المحقق الصرخي عن هذه المواقف الغريبة من خلفاء المسلمين!! وهل تتطابق مع منهج وسلوك وفكر ابو بكر وعمر وعلي (رضي الله عنهم وعليهم السلام )؟
وقد أكمل سماحته في هذه المحاضرة مناقشة الاسطورة ( 35 ) “الفتنة.. رأس الكفر.. قرن الشيطان!!” و التي تستعرض ما يتعلّق بالملك الناصر السلطان الفاتح صلاح الدين الأيوبي …
حيث قال المحقق الصرخي الحسني :
حصار حلب: بعد إسقاط صلاحُ الدين عاصمةَ الزنكيين دمشق، فإنّه لاحقهم إلى العاصمة البديلة حلب فحاصرها لشهر تقريبًا مِن جمادى الآخرة ورجب، لكنّه فشِل في اقتحامها للدفاع المستميت مِن أهلها بقيادة الملك الصالح الزَنكي، مع استعانتهم عليه بالإسماعيليّة والفِرِنج، ففي الكامل9/407: قال ابن الأثير: {{[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ (570هـ)]: [ذِكْرُ حَصْرِ صَلَاحِ الدِّينِ حَلَبَ وَعَوْدِهِ عَنْهَا وَمُلْكِهِ قَلْعَةَ حِمْصَ وَبَعْلَبَكَّ]:
1ـ لَمَّا مَلَكَ صَلَاحُ الدِّينِ حَمَاةَ سَارَ إِلَى حَلَبَ فَحَصَرَهَا ثَالِثَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، فَقَاتَلَهُ أَهْلُهَا،
2ـ وَرَكِبَ الْمَلِكُ الصَّالِحُ، وَهُوَ صَبِيٌّ عُمْرُهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً، وَجَمَعَ أَهْلَ حَلَبَ وَقَالَ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمْ إِحْسَانَ أَبِي إِلَيْكُمْ وَمَحَبَّتَهُ لَكُمْ وَسِيرَتَهُ فِيكُمْ، وَأَنَا يَتِيمُكُمْ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا الظَّالِمُ الْجَاحِدُ إِحْسَانُ وَالِدِي إِلَيْهِ يَأْخُذُ بَلَدِي وَلَا يُرَاقِبُ اللَّهَ (تَعَالَى)، وَلَا الْخَلْقَ، وَقَالَ مِنْ هَذَا كَثِيرًا وَبَكَى فَأَبْكَى النَّاسَ، فَبَذَلُوا لَهُ الْأَمْوَالَ وَالْأَنْفُسَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى الْقِتَالِ دُونَهُ، وَالْمَنْعِ عَنْ بَلَدِهِ، وَجَدُّوا فِي الْقِتَالِ، وَفِيهِمْ شَجَاعَةٌ، قَدْ أَلِفُوا الْحَرْبَ وَاعْتَادُوهَا،
3ـ حَيْثُ كَانَ الْفِرِنْجُ بِالْقُرْبِ مِنْهُمْ، فَكَانُوا (أهل حَلَب) يَخْرُجُونَ وَيُقَاتِلُونَ صَلَاحَ الدِّينِ عِنْدَ جَبَلِ جَوْشَنَ، فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْقُرْبِ مِنَ الْبَلَدِ،
4ـ وَأَرْسَلَ سَعْدُ الدِّينِ كَمُشْتَكِينُ إِلَى سِنَانَ مُقَدَّمِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، وَبَذَلَ لَهُ أَمْوَالًا كَثِيرَةً لِيَقْتُلُوا صَلَاحَ الدِّينِ، فَأَرْسَلُوا جَمَاعَةً مِنْهُمْ إِلَى عَسْكَرِهِ، فَلَمَّا وَصَلُوا رَآهُمْ أَمِيرٌ اسْمُهُ خُمَارْتِكِينُ، صَاحِبُ قَلْعَةِ أَبِي قُبَيْسٍ، فَعَرَفَهُمْ لِأَنَّهُ جَارُهُمْ فِي الْبِلَادِ، كَثِيرُ الْاجْتِمَاعِ بِهِمْ وَالْقِتَالِ لَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ لَهُمْ: مَا الَّذِي أَقْدَمَكُمْ وَفِي أَيِّ شَيْءٍ جِئْتُمْ؟ فَجَرَحُوهُ جِرَاحَاتٍ مُثْخَنَةٍ، وَحَمَلَ أَحَدُهُمْ عَلَى صَلَاحِ الدِّينِ لِيَقْتُلَهُ، فَقُتِلَ دُونَهُ، وَقَاتَلَ الْبَاقُونَ مِنَ الْإِسْمَاعِيلِّيَّةِ، فَقَتَلُوا جَمَاعَةً ثُمَّ قُتِلُوا،
5ـ وَبَقِيَ صَلَاحُ الدِّينِ مُحَاصِرًا لِحَلَبَ إِلَى سَلْخِ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَرَحَلَ عَنْهَا مُسْتَهَلَّ رَجَبَ،
6ـ وَسَبَبُ رَحِيلِهِ: أَنَّ الْقُمَّصَ رِيمُنْدُ الصَّنْجِيلِيُّ، صَاحِبُ طَرَابُلُسَ، كَانَ عَظِيمًا فِيهِمْ مِنْ أَعْيَانِ شَيَاطِينِهِمْ، وكان مَلِكَ الْفِرِنْجِ مَجْذُومًا عَاجِزًا عَنْ تَدْبِيرِ الْمُلْكِ، فقد تَوَلَّى الْقُمُّصُ رِيمُنْدُ تَدْبِيرَ الْمُلْكِ، وَإِلَيْهِ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَنْ بِحَلَبَ يَطْلُبُونَ مِنْهُ أَنْ يَقْصِدَ بَعْضَ الْبِلَادِ الَّتِي بِيَدِ صَلَاحِ الدِّينِ لِيَرْحَلَ عَنْهُمْ، فَسَارَ إِلَى حِمْصَ وَنَازَلَهَا سَابِعَ رَجَبٍ، فَلَمَّا تَجَهَّزَ لِقَصْدِهَا سَمِعَ صَلَاحُ الدِّينِ الْخَبَرَ فَرَحَلَ عَنْ حَلَبَ}}.
وعلق المحقق الصرخي الحسني مشيرا ً الى تدليس ابن تيمية وانكاره وتشويهه للحقائق:
((يا بن تيمية هل عميت عينك أو صمت أذنك؟ ألم تقرأ؟!! ألم تسمع؟!! من الذي يتحالف مع الفرنج للحماية لنفسه من أخيه المسلم أو للهجوم على أخيه المسلم، لم نرك تتفوه بأي شيء عن هذا، أيها المارق، أيّها الناصبي، كل ما تأتي به من خزعبلات وأكاذيب تتهم بها الشيعة بكل أصنافهم وبكل أشخاصهم وبكل عناوينهم وبكل أطيافهم وبكل مذاهبهم تتهمهم بالعمالة وبالتعاون مع اليهود ومع الغازين ومع المحتلين ومع الفرنج ومع الصليبيين، أيّها المارق، أيّها الناكر والمنكر والمدلس والمشوّه للحقائق، أين أنت من هذه التحالفات مع الفرنج؟ أين الإسماعيلية؟ أين الشيعة؟ أين انشغال صلاح الدين عن الإسماعيلية والشيعة؟ منذ كان قائدًا ومنذ تسلّط على مصر ولم يتكلّف بشيء من المؤونة للتسلّط والتملّك والملك وما حصل له وما كسب من ذلك من سلطان وملك وحكم لم يأتِ بمجهود خاص منه بهذا الخصوص، وإنّما كان كارهًا للذهاب إلى مصر في أصل تحركه، ومنحه وأكرمه الحاكم الفاطمي وقوّاه الحاكم الفاطمي على نفسه إلى أن مات الحاكم الفاطمي فأخذ كلّ شيء، ومع هذا يقول ابن تيمية وأتباع ابن تيمية وأهل التدليس بأنّه تأخر عن الفتوحات وعن فتح بيت المقدس لانشغاله بالشيعة والروافض والمجوس والصفويين، بالفاطميين بالإسماعيليين وأكاذيب من هنا وهناك وخيالات ومدّعيات لا حقيقة لها يأتي بها ابن تيمية، لا يوجد أيّ تأثير للشيعة على دولة الأيوبيين، على سلطنة وسلطان ومماليك ومملكات وممالك الأيوبيين، لا تأثير للشيعة، لا تأثير للروافض، لا تأثير للفاطميين، لم ينشغل صلاح الدين بقتال الروافض أصلًا، لم ينشغل بقتال الشيعة أصلًا ولم ينشغل بقتال الفاطميين أصلًا، أتت له الأمور جاهزة، نعم انشغل بقتال أهل السنة، وانشغل بقتال المدن الإسلاميّة وانشغل بقتال باقي الملوك الإسلاميين، مع باقي السلاطين المسلمين، لكن العتب على من يصدق بخزعبلات وخرافات التيمية وابن تيمية وأتباع ابن تيمية، والأعجب ممن يصدق وهو يمتلك شهادة أكاديمية!!!))
وأضاف المحقق الصرخي داعيا ً الى مراجعة التاريخ وقراءته بواقعية :
((ارجعوا إلى التاريخ واقرأوا، هذا هو تاريخكم وهذا هو واقع الحال، وأنا لم آتِ هنا بالتاريخ كبحث تاريخي، نعم نعطي الخط والطريق ونريد أن نؤسس هذا الشياع العام للأمور الفقهية والعقدية والفكرية والانتماءات المذهبية، فنتحدث هنا عن زيارة قبور، ونتحدث في مقام آخر عن موقف شرعي، ونقارن هذا ونقارن ذاك مع مواقف للخلفاء وللنبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأئمة أهل البيت عليهم السلام، لحاكم هنا وحاكم هناك، لعالم هنا لإمام مذهب هنا، وهكذا نحاول أن نؤسس للجانب العقدي وللجانب الفقهي، أي للجانب الأصولي الديني وللجانب الفردي الفقهي)).