المركز الاعلامي
اكد المحقق الكبير الصرخي الحسني ان ابن باز اعتبر رواية خلق الارض الموجودة في صحيح مسلم من الاسرائيليات الباطلة وهي لم ترو عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا عن الصحابي حسبما جاء في كلام ابن باز ، وقد ناقش المحقق الصرخي مقالة الشيخ بأسلوب موضوعي متفرد ، فقد ذكر ابن باز:-
(ومما أُخذ على مسلم رحمه الله رواية حديث أبي هريرة: أن الله خلق التربة يوم السبت، الحديث. والصواب أن بعض رواته وهم برفعه للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من رواية أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار؛ لأن الآيات القرآنية والأحاديث القرآنية الصحيحة كلها قد دلت على أن الله سبحانه قد خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة؛ وبذلك علم أهل العلم غلط من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله خلق التربة يوم السبت، وغلط كعب الأحبار ومن قال بقوله في ذلك، وإنما ذلك من الإسرائيليات الباطلة . والله ولي التوفيق.)
وأورد المرجع الصرخي تعليقات على ابن باز :-
1- قال ابن باز (ومما أُخذ على مسلم رحمه الله رواية حديث أبي هريرة: أن الله خلق التربة يوم السبت) هذا ماخذ وانتقاد وقدح في مسلم من حيث روايته هذا الحديث في صحيحه ، فلسنا نحن فقط من انتقد هذه الرواية وانتقد رواتها وانتقد مسلما لأنه رواها في صحيحه ، فاذا كانت الرواية بهذا الوهن والضعف بل والتدليس الفاحش والمخالفة الصريحة للقرآن والسنة والتواتر والضرورات ، فكيف رواها مسلم في صحيحه ؟
2- قال ابن باز (والصواب أن بعض رواته وهم برفعه للنبي صلى الله عليه وسلم) اقول هذا الصواب هنا مقابل اي شيء ؟ فهل هو مقابل خطأ مسلم او هو مقابل من رد وقدح واخذ على مسلم ما رواه في صحيحه ؟ فاذا كان يقصد بالصواب الذي يقابل خطأ مسلم في روايته هذا الحديث فنحن معه ، وهذا يثبت يقينا ان صحيح مسلم ليس بصحيح كله فهو قابل للنقاش والرد والانتقاد والتقييم العلمي .
وواصل سماحته التعليق على ابن باز : وان كان يقصد الدفاع عن مسلم فلا يتم دفاعه لأنه مهما اعطي من مبررات لتخريج او لتفسير او لتعليل سبب نسبة الرواية للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من انه قد حصل وهم وان الرواية في اصلها قد رويت عن كعب وراويها ابو هريرة . ان هذا التبرير كله لا يدفع الاشكال والمأخذ على مسلم ، فمسلم حاله حال ابن باز في المقام وحاله حال كل من وافقه وكل من أخذ عليه برر بالوهم فيقال للجميع : عندما اتتك الرواية بهذه الصورة وهذه المعاني المخالفة صراحة للقرآن والسنة وللضرورات فكيف قبلت بها وكيف رضيت بما فيها وكيف وضعتها في صحيحك الذي يفترض انه يشمل الصحيح فقط دون غيره ؟ فكيف اذا كانت الرواية باطلة جزما وفاحشة المعنى المخالف للقرآن والسنة والتواتر ؟
وتسائل المحقق الصرخي : مسلم شيخ عادل ثقة مؤمن زاهد فلما كتب هذا الحديث هل كان بوعيه ؟ كان ملتفتا ام كان غافلا متوهما ، مشتبها ، او – لا سامح الله –مدلسا؟ فنحمل على مسلم ثقة بوعيه وزاهد لا نتوقع منه التدليس
ويأتي ونسبوها الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واضافوا (اخذ رسول الله بيدي) لإيهام المقابل وخداعه ، فنقول :- ألم يلتفت مسلم الى معنى الرواية والى مضمونها ، فمجرد ما تاتي الرواية يسجلها ؟ فهل عمل مسلم مجرد النقل دون ملاحظة المتن هل هذا هو التحقيق ؟ هل هذا عنوان العالم والمحقق وعنوان اهل الصنعة ؟ فكيف فات هذا الامر ؟ فكل من اتى بالحديث وكل من ذكر الحديث يأتي عليه الاشكال ، فاذا كان الوهم من اول راوي (ابو هريرة) فكل الرواة ما بعد ابو هريرة يقعون ضمن دائرة الشبهات وعدم العلم فلماذا فاتهم هذا الحديث ؟ فانت كلما تؤخر دائرة الشبهة تخرج العدد الاكبر منها
اي : عندما تكون الشبهة والتهمة متعلقة بأبي هريرة فيبقى اشكال على الجميع ممن مر عليهم هذا الحديث ولم يلتفتوا الى مخالفته للقرآن وللسنة وللضرورة .فكيف لم يلتفت الجميع ؟ فاذا قلت الراوي الثاني اذن خرج ابو هريرة فالثاني يدخل ضمن الشبهة الى ما بعده واذا تقول الثالث هو الذي توهم واشتبه ودلس اذن يبقى الاشكال على من بعده لماذا فاتكم هذا الشيء . فافضل شيء تقول الاشتباه او الوهم تلصق بمسلم حتى ما قبل مسلم لا شيء عليه مرروا الرواية عن كعب الاحبار والخلل حصل عند مسلم هذا يكون من افضل الحلول للحفاظ على سلسلة الرواة .
3- ان حذف اسم كعب وابداله بإسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)من التدليس المركب
أ- التدليس هنا ليس بإسم فقط فلا يعقل بان الراوية كانت فيها (اخذ كعب بيدي) فبُدل اسم بإسم فصار (اخذ رسول الله بيدي)
ب- خاصة مع ملاحظة وجود روايات تشير الى انه وقع فعلا خلط عند الرواة ممن كان يسمع من ابي هريرة فبمجرد ما يخرج ابو هريرة من المجلس فأن بعض الحاضرين ينقل رواية ابي هريرة التي سمعها قبل قليل فيرفعها وينسبها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)علما ان ابا هريرة رواها عن كعب وكذا يفعلون بالرواية عن النبي فيجعلون كعب الاحبار راويها .
ج- والمفروض ان وجود مثل هذه الوقائع تجعل الرواة اكثر حذرا وتحقيقا وتدقيقا في الرواية وراويها وهل هي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) او عن كعب وخاصة ان الخلط محصورة بروايات ابي هريرة
4- فهل يعقل انه لم يدقق كل اولئك الرواة وعلى طول التاريخ او لماذا لم يدقق كل اولئك الرواة على طول التاريخ ويوجب اكثر من سبب موجب للتدقيق ومنها ان الرواية اتت بمعاني مخالفة ومناقضة لما ورد في القرآن والسنة القطعية
5- فكيف فات الامر على مسلم ومن سبق مسلما وكذلك من لحقه ولم يعترض عن الرواية ولم يطعن بها ، فكيف فاتت كل هؤلاء ذلك فلم يحققوا ولم يدققوا ولم يلتفتوا ووصلت الينا الرواية على ما هي عليه بل لا زال الكثير يصر على صحتها ويدافع ويبرر على صحتها بل ويؤول منها ومعناها .
ونوه المرجع الصرخي انا الامام ابي حنيفة النعمان التزم الى حد ما ، وكذلك التزم ابو حنيفة مثلما الزم سماحة المحقق الصرخي ان ابا هريرة يدخل ضمن دائرة الوهم ، وبسبب هذا استخلص ابو حنيفة النتيجة لم يأخذ بروايات ابي هريرة ، فقد كان يأخذ بروايات الصحابة واستثنى منهم ثلاثة ومن الثلاثة ابي هريرة .
واورد سماحة المحقق الصرخي شواهد تاريخية تتحدث عن منهج ابي هريرة في الخلط الروائي :-
أ- في التمييز ص 175 قال الامام مسلم :- حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي … قال: اتقوا الله ، وتحفظوا من الحديث ; فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة ; فيحدث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ويحدثنا عن كعب ثم يقوم ، فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب ، ويجعل حديث كعب عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
وعلق المحقق الصرخي : يا امام مسلم عندما علمت بهذه الخصوصية لماذا لماذا لم تحقق بحديث خلق التربة يوم السبت ؟ لماذا مر عليك هذا الحديث اين التحقيق والتدقيق ؟ اين الصنعة ؟
ب- تاريخ مدينة دمشق ج76 ص 358- 389 / ابن عساكر وكذلك في الذهبي / سير اعلام النبلاء ج2 وابن كثير في البداية والنهاية ج8 :- أخبرنا أبو البركات بن المبارك …. بسر بن سعيد قال كان يقوم فينا أبو هريرة فيقول سمعت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يقول كذا كذا سمعت كعبا يقول كذا كذا فعمد الناس إلى بعض ما روى عن كعب فجعلوه عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وبعض ما روى عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فجعلوه عن كعب فمن ثم أنفي حديث أبي هريرة ال ابن لهيعة هو من الناس ليس من أبي هريرة)
وعلق سماحته : ان في ذلك الزمن ولهذا الخلط ترك حديث ابي هريرة ، فمن هنا نقول ابو حنيفة (رض) التفت الى هذه الخصوصية : الى ان حديث ابي هريرة قد ترك في تلك الفترة وأنفي في تلك الفترة فلم يؤخذ به ، وهذا ليس فيه طعن لأبي هريرة لأن من روى عن ابي هريرة هو الذي خلط – حسب هذه الرواية – فصار الحديث مخلوط بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين قول كعب فحفاظا على الدين وحفاظا على السنة والشرع يجب ان نترك هذه الاحاديث هذا ما التفت اليه ابو حنيفة .
واضاف سماحته ” لاحظ بسر ينفي حديث ابي هريرة وابن لهيعة ايضا يسلم بهذا بأن الحديث ينفى عن اي هريرة ولا يؤخذ به لكن يبرر بسبب الناس .
ويكمل سماحته بالحديث عن الشواهد التاريخية : حدثنا أبو القاسم محمود …. قال قال أنا بسر بن سعيد اتقوا الله وتحفظوا من الحديث فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيتحدث عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ويحدثنا عن كعب ثم يقوم فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن كعب وحديث كعب عن رسول الله .
وواصل سماحته الحديث مع ابن باز :
4- قال ابن باز (وإنما هو من رواية أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار) اقول : على فرض التنزل والتسليم ان الرواية ليس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بل هي عن كعب الاحبار ، والان نسأل وكل عاقل يسأل كعب الاحبار :- يا كعب الاحبار كيف رويت لنا هذه الرواية التعبانة جدا ، المخالفة والمناقضة للقرآن والسنة والاجماع والتواتر عند المسلمين ؟ وانت يا كعب العلامة الحبر الثقة حسن الاسلام متين الديانة من نبلاء العلماء من اوعية العلم تاخذ السنن عن الصحابة كنت خبيرا بكتب اليهود لك ذوق في معرفة صحيحها من باطلها وانت صاحب التوراة كما انزلها الله على موسى ما غيرت ولا بدلت ؟ فكيف تورط المسلمين وتغرر بهم وتحرفهم عن الدين وتضلهم بهذه الرواية الفاسدة الباطلة الاسرائيلية ؟
5- قال ابن باز (وإنما هو من رواية أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار) اقول : نفس ما قلناه لكعب نقوله لأبي هريرة : على فرض التنزل والتسليم ان الرواية ليس مروية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بل هي عن كعب الاحبار والان نسأل وكل عاقل يسأل ابا هريرة :- يا ابا هريرة كيف رويت لنا هذه الرواية التبعانة جدا ، المخالفة والمناقضة للقرآن والسنة والاجماع والتواتر عند المسلمين ؟ وانت يا ابا هريرة صاحب رسول الله ومن كبار الصحابة قد عرفت عن اهل الحديث انك اكثر الصحابة رواية وحفظا لحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والامام الفقيه المجتهد الحافظ الثبت سيد الحفاظ الاثبات المؤمن العابد الزاهد الصادق … الخ ، فكيف تتورط بها ويتروط معك المسلمون ويغرر بهم ويحرفون عن الدين وتضلهم هذه الرواية الفاسدة الباطلة؟
6- استفهام معقول : يا ابا هريرة كيف قبلت بهذه الرواية عن كعب وهي رواية واسطورة اسرائيلية باطلة فاحشة في مخالفة القرآن والسنة ، فهل خفي عليك ضرورات القرآن والسنة وانت الحافظ الذي لا ينسى اي شيء من السنة والقرآن بعد ان اكرمك الله تعالى ببركة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تلك الكراكة في حفظ كل ما سمعته من رسول الله ، فكيف فاتتك وعبرت عليك هذه وهي من البديهيات واوضح الواضحات .
وقد ذكر المرجع الصرخي حديث ابي هريرة الذي لا ينسى في صحيح البخاري / كتاب المزارعة / الحديث 2179 : عن الاعرج
* يقولون أنَّ أبا هريرة يُكثر الحديث والله الموعد
* وَيَقُولُونَ : مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي ، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ ، وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ يَوْمًا : ” أَلا يَبْسُطُ أَحَدُكُمْ ثَوْبَهُ حَتَّى أُفْضِيَ مَقَالَتِي هَذِهِ، ثُمَّ يَجْمَعُ ثَوْبَهُ إِلَى صَدْرِهِ، فَلا يَنْسَى مِنْ مَقَالَتِي شَيْئًا أَبَدًا، فَبَسَطْتُ نَمِرَةً عَلَيَّ إِذَا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ ثم جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي ، فَو الذي بعثه بالحق مَا نَسِيتُ مِنْ مقالته تلك إلى يومي هذا، والله لولا آيتان في كتاب الله، ما حدَّثتكم شيئًا أبدًا: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى [البقرة: 159] إلى قوله الرَّحِيمُ [البقرة: 160]
وعلق سماحته : انا الان سلمت عن كل ما قيل انه يرويها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وان الوهم ليس من ابي هريرة وانما اتى من الرواة الذين اتوا بعد ابي هريرة ، لكن الان نسأل ونقول لأبي هريرة : انت قلت لي كرامة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا انسى اي شيء فكيف نسيت القرآن ؟ كيف نسيت السنة عندما رويت هذه الرواية عن كعب ، فكيف رويت هذه الرواية عن كعب وهي فيها ضلال واضلال للناس وفيها مخالفة للقرآن ، فهل نسيت القرآن وهل نسيت السنة ؟ حتى لو كانت عن كعب لما تروي الرواية المخالفة عن كعب وترويها للناس ولماذا تحكي هذه الاسرائيليات للناس ؟
7- لقائل ان يقول : هل يوجد تفسير ودفاع عن هذا الا أنه (ابا هريرة) صدقها ولا شك عنده فيها ولا يتردد في قبولها حتى لو كانت مخالفة للقرآن والسنة كما كانت عقوبة السارق ثابة في القرآن والسنة ومع هذا اطلق سراحه. ويقال ايضا : مهما كان التفسير فالواقعة تثبت عدم الضبط وعدم الدقة وعدم المعرفة وعدم التفحص في اوضح الواضحات .
وتاتي هذه المحاضرة التحقيقية لبيان الاشكالات الروائية في المتون والرواة وان صحيحي البخاري ومسلم فيهما الضعيف والمدلس ، حيث بين سماحة المحقق الصرخي ان مسلم قبِل برواية تخالف ابده البديهات عن ابي هريرة والواقع يشير ان خلق السموات والارض في ستة ايام بينما ابو هريرة روى رواية تدل على سبعة ايام .