في لقاء صحافي حصري لوكالة اخبار العرب ، فجّر المرجع الديني العراقي السيد الصرخي الحسني (دام ظله) مفاجئات بتصريحاته الجريئة وقراءته الواقعية للمشهد القائم في العراق والمنطقة عموما ، من خلال تحليله العلمي والموضوعي لمجريات الامور والاحداث السياسية وانعكاسها على مستقبل العراق والمنطقة ، واليكم نص اللقاء :
سماحة المرجع الديني الاعلى السيد الصرخي الحسني (دام ظله)
بسم الله الرحمن الرحيم
اخبار العرب : ماهي الأسباب الحقيقية للموقف العدواني الذي تبنته حكومة المالكي من خطك المرجعي ومن أتباعك ؟ واذا كان هناك أشياء لم تكشف بعد ، ويريد المرجع أن يذكرها عبر وكالة أخبار العرب بخصوص الموقف الحكومي … ومن هي الأطراف التي كان لها المصلحة في ذلك ، المراجع الشيعية ، ايران ، أطراف في حكومة بغداد وفي كربلاء والنجف ، أمريكا نفسها؟
بسمه تعالى
لا يخفى على العقلاء ان في العراق لاعبَيْن رئيسين اميركا وايران ، أما الآخرون فكلُّهم أدوات بيَدِ هذين اللاعبَينِ يحرِّكاهُم كيفما شاءا ومتى شاءا ، واذا حصل أيُّ صراع بين هذه الأدوات فهو مشروط بان لا يخرج عن حلبَةِ السيدين الكبيرين ، اميركا وايران ، ومن هنا يظهر لكم ان كل ما يقع على ارض العراق هو بسبب هذين الوحشين الكاسرين المُتَغطرِسَينِ ، فَمَن كان وجودُه او مشروعُه مخالفاً لأميركا فاِنّها تحرّك عملاءَها وأدواتِها لِضَرْبِهِ ، ومن كان مخالفا لإيران فاِنَّها تحرّك عملاءَها وأدواتِها لضَرْبِهِ ، ومن كان وجودُه ومشروعُه مخالفاً للاثنين ومُعَرقِلاً لمشاريع الاثنين فبالتأكيد هنا المصيبة العظمى حيث ستتكالَب كل القوى العميلة والمرتزقة والفاسدة ضدّه ، وهذا ما وقع علينا قبل الاحتلال وبعده والى مجزرةِ كربلاء وما تَلاها.
اخبار العرب : الى أي مدى أثرت تلك الحملة الشرسة في مرجعيتك وأتباعك ؟ وهل كانت للمرجع ولمقلديه توجهات جادة لرفع الظلم عنهم بطرق سياسية وقانونية وشرعية ؟ وماهي نتائج هذه التوجهات أو التحركات ؟ كيف يرى المرجع حال العراق اليوم؟ ومن المسؤول عن المآسي التي يعيشها الشعب العراقي ، استشراء الطائفية ، تفكك النسيج الاجتماعي ، وضياع الوحدة الوطنية ، سرقة المال العام ، الفساد المالي والاداري ، الاقتتال الداخلي ، شبح الإفلاس ومخاوف التقسيم ، من المسؤول من وجهة نظرك ؟ هل يعتقد المرجع أن الاصلاح ممكن ؟ وما هي شروط هذا الاصلاح ؟
بسمه تعالى
1ـ بكل تأكيد أننا سَلَكْنا كلَّ الطرق السياسية والقانونية والشرعية والمجتمعية والأخلاقية لرفع الظلم عن أهلنا واعزائنا وأبناء شعبنا الحبيب في كل العراق ، لانَّ ما يقعُ عليهِم من ظلْمٍ فهو ظلمٌ علينا وأنَّ مظلوميتَهم مظلوميتُنا ومأساتَهم مأساتُنا وحزنَهم حزنُنا وفرحَهُم فرحُنا.
2ـ لو كنّا نمتلكُ المليشيات وسلَكْنا منهجَ التكفيرِ القاتلِ أو كنّا نُفكِّرُ ونعملُ ونتَّخِذُ المواقفَ على أساسِ المنافعِ الشخصيّة او الفِئوية اَو المناطِقيّة أو الطائفيّة ؛ لَما وَقَعَ عَلَيْنا ما وَقَع وَلَحَصَلْنا على الكثيرِ من المنافِعِ المادّيّة والمعنويّة ، لكنّنا اختَرْنا طريقَ الانصهارِ والذوبانِ في العراقِ وحبِّ العراقِ وشعبِه المظلوم فوقع علينا ما وقع من ظلم فاحش ، وليس عندنا وسيلة بعد الشكوى الى الله تعالى والاستعانة به والتوكل عليه الا سلوك الطرق القانونية الاجتماعية الشرعية الاخلاقية ، وسنبقى على ما نحن عليه بعون اللهِ وتسديدهِ وفضلِهِ ونِعَمِهِ وهو اَحكمُ الحاكمين.
3- بالرغم من قساوةِ الهجمةِ وهمجيَّتِها التي فاقَت بشاعةَ واجرامَ البرابرةِ والقرامطة ، وبالرغم من الخسارة القاسية في فقدان الأعِزّاء وارتقائِهم الى الرفيق الأعلى جلّت قدرتُه والذي نسالُه ونتوسلُه اَن يتقبّلَهم مع الشهداءِ وفي جوار الائمة والانبياء والمرسلين عليهم الصلاة والتسليم .
4- أقول بالرغم من كل ذلك فانَّ الله تعالى شاء ان يفضحَ المتآمرين المعتدين المجرمين ويُفشِلَ مخطّطِهِم في القضاءِ على أيِّ صوتٍ معادٍ أو مخالِفٍ لهُم ولمشروعِهم الاستعماري الاستكباري العنصري التقسيمي المدمّر ، فالإفلاتُ منهم والخلاصُ من قبضَتِهم ومن بطشِهم وفَتكِهم هو انتصارٌ كبيرٌ وعظيمٌ لمشروعٍ وطنيٍ إصلاحيٍ فكيف اذا كُلِلَ ذلك باَن يلتفِتَ ويعِيَ العالَمُ اَجمَع الى مظلوميَّتِنا وقضيّتِنا ومشروعِنا الإصلاحي الانقاذيّ الحقيقي الصادق ، والتفَتَ الينا وصار ينتصر لنا احباؤنا واعزاؤنا إخواننا وابناؤنا الشرفاء الكرماء الاُصلاء أصحاب الوطنية والأخلاق والغيرة والشهامة والاِباء فسَكَنّا في قلوبِهم وتشرّفْنا وارتقينا بهم.
5ـ واما رَفْعُ الظُلْمِ والحَيْفِ والقَهْرِ فاِنَّنا لا نَفتُرُ ولا نَكسَلُ عنه بل نبقى نُحاولُ ونعملُ ونُجهِدُ انفسَنا من أجلِ تحقيقِه ، وليس الغرضُ منْهُ المصلحةَ الشخصية والفئوية بل من أجلِ كل العراقيين وكل المظلوميات وكل المظلومين ، فمظلوميتُنا واحدة وقضيتُنا واحدةٌ ووطنُنا واحدٌ، فاِنَّنا شعبٌ واحدٌ ، وسنبقى على العهد بعون الله تعالى وسنسعى الى ارجاع كل الأمور الى ما كانت عليه قَبْلَ اَنْ تَدْخُلَ بيننا ضباعُ الليلِ وخفافيشُ الظلامِ وشياطينُ الاِنسِ وقوى الشرِّ والتسلُّطِ والفَسادِ والعملاءِ والسرّاق .
اخبار العرب : هل يعتقد المرجَع بأن الولايات المتحدة الأمريكية وصنائعها في العراق سيسمحون بمثل هذا التوجه نحو الاصلاح ؟ هل يعتقد المرجع بأن الحرب الدائرة اليوم في العراق هي حرب مقدسة ضد داعش فعلا ؟ ومن أوجد داعش في الأساس ؟ وكيف يمكن فهم دور مليشيات الحشد الشعبي فيها؟ وكيف يمكن فهم الدور القيادي لإيران في هذه الحرب عبر بوابة هذه المليشيات؟ وكيف يمكن فهم قبول امريكا لهذا الدور الايراني في العراق وشراكتهم التي بدت واضحة في الحرب ؟ وهل يعتقد المرجع بأننا سنرى نهاية قريبة لهذه الحرب ؟ وما هو السيناريو الأقرب لهذه النهاية ؟ وكيف يرى المرجع أسباب التنسيق الذي بات مكشوفة بين الولايات المتحدة الأمريكية وايران في ملفات المنطقة عموما وفي الملف العراقي على وجه الخصوص؟ وماهي خفايا هذا التنسيق التي يمكن للمرجع أن يستشفها بحكم سعة اطلاعه وخبرته ومكانته العلمية والدينية التي تسمح له بمعرفة بواطن الأمور؟ وكيف يمكن للشارع العراقي عامة والشيعي خاصة أن يعرف بمثل هذا التنسيق ويستمر في اعتبار ايران عدوة للولايات المتحدة الأمريكية وبأنها زعيمة محور الممانعة .. هل يمكن تفسير هذا ؟ وكيف يرى المرجع الصرخي مستقبل هذا التنسيق بين الولايات المتحدة الأمريكية وايران .. وهل هو جزء من صفقة كبيرة أو مجرد تفاهمات مرحلية ؟ وماهي حدود هذا التنسيق وما هي مخاطر هذا على العرب وعلى الأمة الاسلامية ؟ وكيف يمكن للعرب مواجهة هذا التنسيق من الباطن بين أمريكا وايران من وجهة نظر استراتيجية تتجاوز حدود الشعارات والدعوات الى لم الشمل والتكاتف التي سمعنا عنها الكثير؟ وهل يمكن أن نعرف كيف ينظر المرجع الى مستقبل العراق والمنطقة في المستقبل القريب ؟ وهل من كلمة أخيرة يريد المرجع توجيهها عبر الوكالة الى الشعب العراقي؟ وما هي رسالة المرجع للشعب العراقي اولاً وللعرب ثانياً
بسمه تعالى
1ـ الذي اوجد المسمّى (داعش) هو الفسادُ والاِفسادُ والظلمُ والاجرامُ وسوءُ التخطيطِ وسُقمُ العلاجِ ، وهذا نفسُه سيُبْقي ذلك التنظيم ودولتُه ويثبّتُه ويوسّعُه ويقوّيه.
2ـ اميركا وايران عدوان تقليديان متصارعان متنافسان على استعمارِ الدول والشعوب وسَلْبِ ارادتِها ، وقد ابتلى الله تعالى العديدَ من دولِ المنطقةِ وخاصّةً لبنان فسوريا ثم العراق واليمن باَن تكونَ ساحةَ التنافسِ والنزاعِ والصراع وتقاطعِ المصالحِ بين إيران وأميركا ، ولان العراقَ بلد البترول والطاقات البشرية الفكرية الخلاقة فقد تصاعدَ وتضاعَفَ وتعمَّقَ واشتدَّ الصراعُ فيه بين القوتين المتنافستين.
3- والمعروف والواضح عندكم أَنَّ خلافَ وصراعَ المصالحِ لا يمنعُ اَن يجتمعَ الخصمان فتجمعُهما المصالحُ والمنافعُ فيحصلُ الاتفاقُ بينهما على ذلك ، وكذلك ان ظَهَرَ خطرٌ يهدِّدُهما معاً فيمكن اَن يتَّفِقا ويجتمِعا على محاربته معاً.
4- اما لماذا تسمح اَميركا لإيران بقيادة المعركة في العراق فببساطة لاَنَّ اميركا هنا تفكر بذكاء نسبيّ أمّا ايران فتفكيرُها يسودُه الغباءُ عادةً فوقعت في فخ اميركا التي اوقعتها في حرب استنزاف شاملة لا يعلم الا الله تعالى متى وكيف تخرج منها ، ومن هنا فان أي تنسيق بين اميركا وايران فهو تنسيق مرحلي مصلحي لابد ان يتقاطع في اخر المطاف.
5- والذكاء النسبي الأميركي اقصد به ان اميركا تعتقد حاليا انها تحقق استنزاف واِضعاف ايران ، وكذلك اِستنزاف واِضعاف الدولة الإسلامية (داعش) ، واستنزاف وهتك وتحطيم وتدمير الشعب العراقي ، اِضافة للاِستنزاف الاِقتصادي للدول الخليجية الداعمة ماليا ، واضافة لذلك كلّه فان قبضة اميركا وتدخلها في شؤون دول المنطقة قد ازداد وقوي وتضاعف بسبب الارباك الفكري والأمني والمجتمعي الذي أصاب حكومات المنطقة وشعوبها… لكن ليس كل ما تعتقده وتتمناه اميركا سيتحقق ومن هنا قلت انه ذكاء نسبيٌّ .
6- اما نهاية الحرب فليست مستحيلةً بل وليست مستبعدةً لكن تحتاج لمقدماتٍ وظروفٍ خاصةٍ لابد من تحقيقِها وتحقّقِها وبعدها يمكن رؤيةُ وتحديدُ السقْفِ الزمني المحتمَل لنهايةِ الحرب.
7- أما العرب وأقصد الأنظمةَ والحكوماتِ فكما هو المعتاد فان تفكيرَهم لا يتجاوزُ الحيِّزَ المكانيَّ الضيّقَ الذي يعيشون فيه ويومَهم الذي هم فيه ، فنظرُهم يكون قاصرا عادة ، ولسوء تدبيرِهم فاِنّي اُرَجِّحُ اَنَّه ستَقَعُ عليهِم أحداثٌ مفاجئةٌ في أماكن واَزمان غير متوقعة ، قريبة او بعيدة حسبَ مجرياتِ الأمورِ وتطوّراتِها……. والله العالم
رابط خبر اللقاء على وكالة اخبار العرب
http://arab-newz.org/?p=1497