أثبت سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد الصرخي الحسني (دام ظله) الإعجاز القرآني والنبوي مؤكداً أن هناك خليط متجانس من العلوم الحديثة في علم الفسلجة لدى الإنسان المتمرد على الإنسانية والفطرة الذي يشابه ما ضرب به القرآن الكريم من مثل عن الكلب، جاء هذا خلال إثباته معجزة للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في الآية الكريمة ((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْشِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْتَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ))
وأكد السيد الصرخي (دام ظله) معجزة نبوية وقرآنية حيث الخلط القريب المتجانس بين عدة علوم – أخلاق، اجتماع، نفس، طب وتشريح – وعلى يد النبي الأمي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن أرض الجزيرة موطن المجتمع الجاهلي القبلي المتخلف قبل أكثر من 1400 عام أشار القرآن الى أن من تمرّد على فطرة الإيمان والإنسانية وصار من الغاوين المنقادين للعاطفة والشهوة الحيوانية والقوى الغضبية البهيمية الوحشية فإنه لا يرتوي ولا يشبع لأنه سينتقل من هوى الى نفس أمّارة الى دنيا مزخرفة خادعة الى وسوسة وتسلط الشيطان فأنه بالتأكيد لا يهدأ أبدا ولا يسكُن أبدا بل يبقى لاهثا ظمآنا جائعا متكالبا حتى يقبر فيُملئ فمه وجوفه ترابا وتكون عاقبته خزيا ونارا سعيرا، وهذا اللهث والتكالب الذي لا يسكُن ولا يهدأ مَثله كمثل كلب الذي يلهث على كل حال في حال الخوف أو الفرح أو الحرارة أو التعب أو المرض أو العطش أو أي عارض يتعرض له. وهذا ما أثبته علم الطب والتشريح.
حيث طرح سماحته (دام ظله) موضوعا فسلجيا في الإنسان والحيوان في موضوع التوزان الحراري لإتمام الفعاليات الحيوية على شكل مقدمات:
أولا: إن الإنسان وكذا عموم الحيوانات لديها غدد عَرقية وظيفة هذه الغدد إفراز العرق لتبريد الجسم عند تعرضه للحرارة أو للعطش أو لإمور أخرى يحتاج إليها الإنسان الى بذل الجهد فيحتاج للطاقة ليستهلكها للقيام بالفعاليات الحيوية الناشئة من بذل الجهد لإتمام الفعاليات الحيوية الجارية عند الإقامة أو عند القيام بفعل أو بذل الجهد العضلي أو الجهد العضوي الخارجي أو العضوي الداخلي أو الجهد النفسي.
ثانيا: أما الكلب فهو لا يمتك الغدد العَرقية أو هي قليلة وهي لا تكفي للتبريد وهذا يعني أنه لا يمتلك العرق أصلا أو لا يمتلك الكافي لتبريد الجسم عند الحاجة، ومن الواضح إن الحاجة الى التبريد دائمة عادة من حيث إن أي فعل خارجي أو داخلي عضوي أو نفسي يحتاج للطاقة واستهلاكها فيحتاج الجسم للتبريد.
ثالثا: عند الحديث عن حاجة الجسم للطاقة فإنه يعني إن الجسم يحتاج الى كمية مناسبة من الأوكسجين وحسب نوع العمل والجهد المبذول أو الانفعال الموجود.
رابعا: فإذا عطش الكلب أو ارتفعت حرارة جسمه أو تعرض لانفعال أو قام بجهد فإن السلوك الحيواني للكلب يجعله يبدأ في اللهث بمعدلات سريعة ثم يعود لتنفسه العادي ثم يلهث سريعا ثم يعود الى التنفس البطيء وهكذا حتى يحقق تبريد جسمه وضبط درجة حرارته وتمكين الجسد من القيام بالجهد أو تحمل الجهد أو الانفعال .
خامسا: ومن الواضح إن الباحث عن مغريات الدنيا والمنقاد للنفس والهوى والشيطان والذي تمرّد وطبع على قلبه فإنه إذا قرر الجلوس أو الراحة أو السكون والفترة فسرعان ما ينهض ويركض ويتكالب من جديد.
سادسا: ولا يخفى عليكم إن تشخيص الحالة النفسية أو التأثر الاجتماعي للشخص وكذا معرفة وتشخيص، الآن مقارنة بين شخص مرّ بأزمة نفسية أو بمرض نفسي فتحليل هذا الشخص نفسيا، تشخيص الحالة المرضية، تشخيص السلّ الحيواني عند الحيوان، معرفة الغدد العَرقية وجودها أو عدم وجودها، التعرّق وفائدة التعرّق وقضية التبريد وميكانيكية التبريد في جسم الانسان، الاحتياج إلى الأوكسجين، صرْف الطاقة، بذل الطاقة في كل فعل وفعالية يقوم بها الإنسان سواء كانت خارجية أو نفسية هذه كلها تأتي معلومات يحصل عليها الانسان من مجموعة علوم من الطب من التشريح من علم النفس من الاجتماع، فهذه تحتاج الى اطلاع واطلاع الى أكثر من علم.
سابعا: اذا جاءت المعرفة والمقارنة:
أ- من قِدم الزمان منذ أكثر من 1400 عام ومن مجتمع جاهل مُطْبَق في الجهل الفكري العلمي والعقائدي والتنظيمي وقد غرَق في الخرافة والتخلف وفي السحر والشعوذة.
ب- ومن رجل عُرِفَ واشتهر على أنّه أمي.
ثامنا: فأن العقل يحكم بالضرورة أنها معجزة حقا.
وتسائل سماحته (دام ظله) كيف يحكم أنها معجزة حقا؟ فأجاب: “الآن لو تفضل أحد الاطباء،.. أو كما الآن أنا لست من أهل الاختصاص وجمعت هذه المعلومات وقارنت وأتيت بتشبيه بين الإنسان المتمرد العاصي الضال المريض نفسيا وبين الكلب وما يحصل من لهف الكلب وما يتعلق بهذه العملية، كما فعلت أنا الآن رجعت إلى مصادر وبحوث، قرأت وفهمت هذه المعاني، إذا كنت قد فهمت بصورة صحيحة، ونقلت لكم هذه المعاني، هل أستطيع أن أدعي النبوة باعتباري اني صاحب معجرة؟ لا استطيع،.. لا يوجد عاقل من يقوم بهذا الكلام. لماذا؟ لأن التطور العلمي والتراكم العلمي الذي حصل ووسائل التعليم وطريقة تلقي العلوم التي حصلت، والشخص الذي يجلس أمامكم عنده شهادة ودراسة أكاديمية إذا قرأ يفهم إلى حد ما، يستطيع أن يحصل على معلومات إجمالية ويأتي بمقارنة ويعطي لكم هذه المقارنات”
وتابع سماحة المرجع “الآن لو نقلنا السؤال الى الشخص آخر في هذا المجتمع ليس عنده شهادة أكاديمية هو أقرب الى الله، يشتغل في النجارة أو في الفلاحة، ليس عنده شهادة، لكن يقرأ ويكتب، لكنه لم يسلك الطريق الأكاديمي والعلمي في الدراسة، عندما يأتي بهذه المعلومات يجمع هذه ويأتي ويتحدث بهذه القضية وبخصوص هذه القضية بهذا النهج الذي تحدثت به أنا معكم، ولا نقول ادعى النبوة وإنما ادعى الكرامة، ادعى خصوصية معينة، ادعى انه حصل عليها بكرامة معينة بموقف معين فيه شيء من الخصوصية والتكريم له، نصدق أو لا نصدق؟ بالتأكيد نصدق لأنه ليس عنده الامكانية للفهم، كيف فهم هذه”
وأضاف (دام ظله): “الان ننقل القضية الى سؤال آخر: لو كان الشخص في هذا الزمان لا يقرأ ولا يكتب أصلا، لا يعرف القراءة والكتابة وايضا اتانا بهذا البحث وطرح هذه القضية بهذا الاسلوب وقال انا صاحب كرامة او انا سفير الامام، نصدق او لا نصدق؟ فبالتأكيد تحصل عندنا قيم احتمالية للتصديق لأنه لا يوجد اي مبرر او لا يوجد اي مقدمة لكي يفهم هذا الانسان هذه المطالب ويطرح هذه المطالب بهذا الاسلوب، هذا أين نحن؟ في هذا الزمان”
وذكر (دام ظله) أنه “إذا رجعنا الى 1400 عام وفي ذلك المجتمع الجاهلي نطبِّق نفس المصاديق او ما يماثل هذه المصاديق في هذا المجتمع ، شخص كان عنده معلّقات وعنده الباع في الادب والشعر والخطابة في ذلك الزمان ادعى هذا الشيء وحكى به وشخص آخر يعرف القراءة ولا يعرف الكتابة وادعى هذا الشيء وشخص آخر لا يعرف الكتابة والقراءة وادعى من الذي نصدق بأنه صاحب كرامة؟… لكن الذي نتيقن به أكثر من هو؟ الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب هذه القضية بديهية أم تحتاج إلى فكر ونظر؟ هذه بديهية.
هذا أولا، إذن الآن أي موقف او محتمل أو أي تقييم أبلغ في إثبات الحجة والمعجزة، أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان من بلغاء العرب أم كان لا يقرأ ولا يكتب؟…، إنها معجزة حقا تأتي على يد النبي الأمي القرشي الهاشمي العربي التهامي المكي المدني (عليه وعلى آله الصلاة والسلام)”
وجدير ذكره إن السيد الصرخي قد رعى سلسلة من المحاضرات في الإعجاز القرآني في الكتاب والسنة والتي ألقيت في برانيه من قبل أساتذة أكاديميين وعلماء مختصين في شتى العلوم والتطبيقات، بالاضافة الى ما ذكره من الإعجاز القرآني وإعجاز السنة في آثاره العلمية المطروحة في الساحة من بحوث ومحاضرات./انتهى.