أثنى المرجع الديني السيد الصرخي الحسني (دام ظله) على صورة مشرّفة ومشرقة من مواقف صلاح الدين خلال تحرير بيت المقدس تعكس روح الإسلام في الرجولة والشهامة والكرم والأخلاق ولكن تسائل عن غياب هذه المواقف والصورة المشرفة والمشرقة من قبل صلاح الدين مع المسلمين وخصوصا فيما يتعلق بالخليفة الفاطمي الذي كان السبب في بلوغ صلاح الدين الى ما وصل اليه من سلطة وكان داعما ًله الا ان صلاح الدين كان يستقطع الاراضي منه ويغدر به وينهب ويحرق ويخرب بلدان المسلمين وبحسب ما نقل وقاله ابن الاثير نفسه من افعال صلاح الدين التي الحقت ضرار كبيرا بالمسلمين حتى ان الناس صارت تلعنه لتركه مقاتلة الفرنج المحتلين وإقباله على قتال المسلمين !!
ومما جاء في قول ابن الاثير :
جـ ـ وَخَرَجَ الْبَطْرَكُ الْكَبِيرُ الَّذِي لِلْفِرِنْجِ، وَمَعَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْبِيَعِ مِنْهَا: الصَّخْرَةُ وَالْأَقْصَى، وَقُمَامَةُ وَغَيْرُهَا، مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مِثْلُ ذَلِكَ، فَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ صَلَاحُ الدِّينِ، فَقِيلَ لَهُ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ يُقَوِّي بِهِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: لَا أَغْدِرُ بِهِ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ غَيْرَ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَسَيَّرَ الْجَمِيعَ وَمَعَهُمْ مَنْ يَحْمِيهِمْ إِلَى مَدِينَةِ صُورَ.
وعلق المرجع الصرخي :
[[أقول: هذه صورة مشرّفة ومشرقة تعكس روح الإسلام في الرجولة والشهامة والكرم والأخلاق، لكن أين كان هذا مع الخليفة الفاطميّ وأهل بيته وأموالهم؟! ويحتمل أو يرجّح أن يكون السبب يرجع إلى أئمّة الضلالة الشياطين المارقة ممّن لا يكفّ عن الوسوسة والنفاق والإغواء، لعنهم الله وأخزاهم في الدنيا والآخرة]]
… جاء ذلك خلال محاضرته الــ 26 من بحثه ( وقفات مع … توحيد التيمية الجسمي الاسطوري ) والتي القاها مساء يوم السبت بتاريخ 18 جمادي الأخرة 1438 هــ الموافق 17- 3 – 2017 مــ وقد ذكر السيد الصرخي موارد كثيرة لشواهد تاريخية حول صلاح الدين الايوبي ومنها
قال المحقق الصرخي في المورد 28 : صلاح الدين يحرر بيت المقدس بعد ما يقارب المائة عام من احتلاله وانتهاكه من قِبِل الفرنج عام (491هـ)، وتمّ فتح القدس وتحريره في عام(583هـ)، فجزاه الله خيرًا على ما فَعَل، ففي الكامل10/(32): [ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ(583هـ)]:
1ـ [ذِكْرُ فَتْحِ عَسْقَلَانَ وَمَا يُجَاوِرُهَا]: لَمَّا مَلَكَ صَلَاحُ الدِّينِ بَيْرُوتَ وَجُبَيْلَ وَغَيْرَهُمَا، كَانَ أَمْرُ عَسْقَلَانَ وَالْقُدْسِ أَهَمَّ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِهِمَا لِأَسْبَابٍ مِنْهَا: أَنَّهُمَا عَلَى طَرِيقِ مِصْرَ، يَقْطَعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الشَّامِ. وَكَانَ يَخْتَارُ أَنْ تَتَّصِلَ الْوِلَايَاتُ لَهُ لِيَسْهُلَ خُرُوجُ الْعَسْكَرِ مِنْهَا وَدُخُولُهُمْ إِلَيْهَا، وَلِمَا فِي فَتْحِ الْقُدْسِ مِنَ الذِّكْرِ الْجَمِيلِ وَالصِّيتِ الْعَظِيمِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْرَاضِ
2ـ فَسَارَ عَنْ بَيْرُوتَ نَحْوَ عَسْقَلَانَ، وَاجْتَمَعَ بِأَخِيهِ الْعَادِلِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ عَسَاكِرِ مِصْرَ، وَنَازَلُوهَا يَوْمَ الْأَحَدِ سَادِسَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَكَانَتْ مُدَّةُ الْحِصَارِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا
وألفت المحقق الصرخي الى ان ابن الاثير يخفي اغراض اخرى لم يرد ان يذكرها في تحرير القدس : (( التفت جيدًا: ابن الأثير عنده شيء ولكن لم يبينه، فوجد أغراض أخرى ولكنّه أشار إليها إشارة ولم يذكرها، فقال: القدس وعسقلان تقطع الطريق بين الشام ومصر وهذا غرض للغزو والتحرير، وأيضًا قال: في القدس ذكر جميل وصيت عظيم وهو غرض بذاته يدفع إلى تحرير القدس، ولم يكتفِ بذلك بل قال: وغير هذا من الأغراض. والله العالم ما هي هذه الأغراض التي لم يبينها ابن الأثير))
3ـ [ذِكْرُ فَتْحِ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ]: لَمَّا فَرَغَ صَلَاحُ الدِّينِ مِنْ أَمْرِ عَسْقَلَانَ وَمَا يُجَاوِرُهَا مِنَ الْبِلَادِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَكَانَ قَدْ أَرْسَلَ إِلَى مِصْرَ أَخْرَجَ الْأُسْطُولَ الَّذِي بِهَا فِي جَمْعٍ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ،
4ـ فَأَقَامُوا فِي الْبَحْرِ يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ عَلَى الْفِرِنْجِ، كُلَّمَا رَأَوْا لَهُمْ مَرْكَبًا غَنِمُوهُ، وَشَانِيًا أَخَذُوهُ، فَحِينَ وَصَلَ الْأُسْطُولُ وَخَلَا سِرُّهُ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ سَارَ عَنْ عَسْقَلَانَ إِلَى الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ، وَكَانَ بِهِ (ببيت المقدس)الْبَطْرَكُ الْمُعَظَّمُ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ أَعْظَمُ شَأْنًا مِنْ مَلِكِهِمْ، وَبِهِ أَيْضًا بَالْيَانُ بْنُ بِيرْزَانَ، صَاحِبُ الرَّمْلَةِ، وَكَانَتْ مَرْتَبَتُهُ عِنْدَهُمْ تُقَارِبُ مَرْتَبَةَ الْمَلِكِ، وَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْقُدْسِ مُنْتَصَفَ رَجَبٍ.
5ـ فَلَمَّا رَأَى الْفِرِنْجُ شِدَّةَ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَحَكُّمَ الْمَجَانِيقِ بِالرَّمْيِ الْمُتَدَارِكِ، وَتَمَكُّنَ النَّقَّابِينَ مِنَ النَّقْبِ، وَأَنَّهُمْ قَدْ أَشْرَفُوا عَلَى الْهَلَاكِ، اجْتَمَعَ مُقَدَّمُوهُمْ يَتَشَاوَرُونَ فِيمَا يَأْتُونَ وَيَذَرُونَ، فَاتَّفَقَ رَأْيُهُمْ عَلَى طَلَبِ الْأَمَانِ، وَتَسْلِيمِ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ إِلَى صَلَاحِ الدِّينِ.
6ـ فَأَرْسَلُوا جَمَاعَةً مِنْ كُبَرَائِهِمْ وَأَعْيَانِهِمْ فِي طَلَبِ الْأَمَانِ، فَلَمَّا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلسُّلْطَانِ(صلاح الدين) امْتَنَعَ مِنْ إِجَابَتِهِمْ، وَقَالَ: لَا أَفْعَلُ بِكُمْ إِلَّا كَمَا فَعَلْتُمْ بِأَهْلِهِ حِينَ مَلَكْتُمُوهُ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ وَجَزَاءُ السَّيِّئَةِ بِمِثْلِهَا.
7ـ فَلَمَّا رَجَعَ الرُّسُلُ خَائِبِينَ مَحْرُومِينَ، أَرْسَلَ بَالْيَانُ بْنُ بِيرْزَانَ وَطَلَبَ لِنَفْسِهِ لِيَحْضُرَ عِنْدَ صَلَاحِ الدِّينِ فِي هَذَا الْأَمْرِ وَتَحْرِيرِهِ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ، وَرَغِبَ فِي الْأَمَانِ، وَسَأَلَ فِيهِ، فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ، وَاسْتَعْطَفَهُ فَلَمْ يَعْطِفْ عَلَيْهِ، وَاسْتَرْحَمَهُ فَلَمْ يَرْحَمْهُ.
فَلَمَّا أَيِسَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَهُ: أَيُّهَا السُّلْطَانُ اعْلَمْ أَنَّنَا فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنَّمَا يَفْتُرُونَ عَنِ الْقِتَالِ رَجَاءَ الْأَمَانِ، ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّكَ تُجِيبُهُمْ إِلَيْهِ كَمَا أَجَبْتَ غَيْرَهُمْ، وَهُمْ يَكْرَهُونَ الْمَوْتَ وَيَرْغَبُونَ فِي الْحَيَاةِ.
فَإِذَا رَأَيْنَا أَنَّ الْمَوْتَ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَوَاللَّهِ لَنَقْتُلَنَّ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا وَنُحَرِّقُ أَمْوَالَنَا وَأَمْتِعَتَنَا، وَلَا نَتْرُكُكُمْ تَغْنَمُونَ مِنْهَا دِينَارًا وَاحِدًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا تَسْبُونَ وَتَأْسِرُونَ رَجُلًا وَلَا امْرَأَةً.
وَإِذَا فَرَغْنَا مِنْ ذَلِكَ أَخْرَبْنَا الصَّخْرَةَ وَالْمَسْجِدَ الْأَقْصَى وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْمَوَاضِعِ، ثُمَّ نَقْتُلُ مَنْ عِنْدَنَا مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، وَهُمْ خَمْسَةُ آلَافِ أَسِيرٍ، وَلَا نَتْرُكُ لَنَا دَابَّةً وَلَا حَيَوَانًا إِلَّا قَتَلْنَاهُ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَيْكُمْ كُلُّنَا فَقَاتَلْنَاكُمْ قِتَالَ مَنْ يُرِيدُ [أَنْ] يَحْمِيَ دَمَهُ وَنَفْسَهُ، وَحِينَئِذٍ لَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ حَتَّى يَقْتُلَ أَمْثَالَهُ، وَنَمُوتُ أَعِزَّاءَ أَوْ نَظْفَرُ كِرَامًا.
8ـ فَاسْتَشَارَ صَلَاحُ الدِّينِ أَصْحَابَهُ. فَأَجْمَعُوا عَلَى إِجَابَتِهِمْ إِلَى الْأَمَانِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجُوا وَيَحْمِلُوا عَلَى رُكُوبِ مَا لَا يُدْرَى عَاقِبَةُ الْأَمْرِ فِيهِ عَنْ أَيِّ شَيْءٍ تَنْجَلِي، وَنَحْسَبُ أَنَّهُمْ أُسَارَى بِأَيْدِينَا، فَنَبِيعُهُمْ نُفُوسَهُمْ بِمَا يَسْتَقِرُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَأَجَابَ صَلَاحُ الدِّينِ حِينَئِذٍ إِلَى بَذْلِ الْأَمَانِ لِلْفِرِنْجِ.
فَاسْتَقَرَّ أَنْ يَزِنَ الرَّجُلُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ يَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، وَيَزِنَ الطِّفْلُ مِنَ الذُّكُورِ وَالْبَنَاتِ دِينَارَيْنِ، وَتَزِنَ الْمَرْأَةُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ، فَمَنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَقَدْ نَجَا، وَمَنِ انْقَضَتِ الْأَرْبَعُونَ يَوْمًا عَنْهُ وَلَمْ يُؤَدِّ مَا عَلَيْهِ فَقَدْ صَارَ مَمْلُوكًا، فَبَذَلَ بَالْيَانُ بْنُ بِيرْزَانَ عَنِ الْفُقَرَاءِ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ.
9ـ وَسُلِّمَتِ الْمَدِينَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ السَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَرُفِعَتِ الْأَعْلَامُ الْإِسْلَامِيَّةُ عَلَى أَسْوَارِهَا.
10ـ وَرَتَّبَ صَلَاحُ الدِّينِ عَلَى أَبْوَابِ الْبَلَدِ، فِي كُلِّ بَابٍ، أَمِينًا مِنَ الْأُمَرَاءِ لِيَأْخُذُوا مِنْ أَهْلِهِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِمْ، فَاسْتَعْمَلُوا الْخِيَانَةَ، وَلَمْ يُؤَدُّوا فِيهِ أَمَانَةً، وَاقْتَسَمَ الْأُمَنَاءُ الْأَمْوَالَ، وَتَفَرَّقَتْ أَيْدِي سَبًّا، وَلَوْ أُدِّيَتْ فِيهِ الْأَمَانَةُ لَمَلَأَ الْخَزَائِنَ، وَعَمَّ النَّاسَ. (( لاحظ: هذه تطبيقات الخيانات والفساد يذكرها ابن الأثير))
11ـ ثُمَّ إِنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْأُمَرَاءِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ رَعِيَّةِ إِقْطَاعِهِ مُقِيمُونَ بِالْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ، فَيُطْلِقُهُمْ وَيَأْخُذُ هُوَ قَطِيعَتَهُمْ، وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ يُلْبِسُونَ الْفِرِنْجَ زِيَّ الْجُنْدِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُخْرِجُونَهُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْهُمْ قَطِيعَةً قَرَّرُوهَا، وَاسْتَوْهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ صَلَاحِ الدِّينِ عَدَدًا مِنَ الْفِرِنْجِ، فَوَهَبَهُمْ لَهُمْ، فَأَخَذُوا قَطِيعَتَهُمْ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَصِلْ إِلَى خَزَائِنِهِ إِلَّا الْقَلِيلُ.
12ـ
أـ وَكَانَ بِالْقُدْسِ بَعْضُ نِسَاءِ الْمُلُوكِ مِنَ الرُّومِ قَدْ تَرَهَّبَتْ وَأَقَامَتْ بِهِ، وَمَعَهَا مِنَ الْحَشَمِ وَالْعَبِيدِ وَالْجَوَارِي خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَلَهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ، فَطَلَبَتِ الْأَمَانَ لِنَفْسِهَا وَمَنْ مَعَهَا، فَأَمَّنَهَا وَسَيَّرَهَا.
ب ـ وَكَذَلِكَ أَيْضًا أَطْلَقَ مَلِكَةَ الْقُدْسِ الَّتِي كَانَ زَوْجُهَا الَّذِي أَسَرَهُ صَلَاحُ الدِّينِ قَدْ مَلَكَ الْفِرِنْجَ بِسَبَبِهَا، وَنِيَابَةً عَنْهَا كَانَ يَقُومُ بِالْمُلْكِ، وَأَطْلَقَ مَالَهَا وَحَشَمَهَا، وَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي الْمَصِيرِ إِلَى زَوْجِهَا، وَكَانَ حِينَئِذٍ مَحْبُوسًا بِقَلْعَةِ نَابُلُسَ، فَأَذِنَ لَهَا، فَأَتَتْهُ وَأَقَامَتْ عِنْدَهُ.
جـ ـ وَخَرَجَ الْبَطْرَكُ الْكَبِيرُ الَّذِي لِلْفِرِنْجِ، وَمَعَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْبِيَعِ مِنْهَا: الصَّخْرَةُ وَالْأَقْصَى، وَقُمَامَةُ وَغَيْرُهَا، مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مِثْلُ ذَلِكَ، فَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ صَلَاحُ الدِّينِ، فَقِيلَ لَهُ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ يُقَوِّي بِهِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: لَا أَغْدِرُ بِهِ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ غَيْرَ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَسَيَّرَ الْجَمِيعَ وَمَعَهُمْ مَنْ يَحْمِيهِمْ إِلَى مَدِينَةِ صُورَ.
وعلق المحقق الصرخي :
[[أقول: هذه صورة مشرّفة ومشرقة تعكس روح الإسلام في الرجولة والشهامة والكرم والأخلاق، لكن أين كان هذا مع الخليفة الفاطميّ وأهل بيته وأموالهم؟! ويحتمل أو يرجّح أن يكون السبب يرجع إلى أئمّة الضلالة الشياطين المارقة ممّن لا يكفّ عن الوسوسة والنفاق والإغواء، لعنهم الله وأخزاهم في الدنيا والآخرة]]
13ـ وَأَمَرَ أَنْ يُعْمَلَ لَهُ مِنْبَرٌ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ نُورَ الدِّينِ مَحْمُودًا كَانَ قَدْ عَمِلَ بِحَلَبَ مِنْبَرًا أَمَرَ الصُّنَّاعَ بِالْمُبَالَغَةِ فِي تَحْسِينِهِ وَإِتْقَانِهِ، وَقَالَ: هَذَا قَدْ عَمِلْنَاهُ لِيُنْصَبَ بِالْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ، فَعَمِلَهُ النَّجَّارُونَ فِي عِدَّةِ سِنِينَ لَمْ يُعْمَلْ فِي الْإِسْلَامِ مِثْلُهُ، فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِ، فَحُمِلَ مِنْ حَلَبَ وَنُصِبَ بِالْقُدْسِ، وَكَانَ بَيْنَ عَمَلِ الْمِنْبَرِ وَحَمْلِهِ مَا يَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً …