أكّد خطيب جمعة سومر الشيخ كاظم السعيدي “دام عزه” في خطبته اليوم 17/3/2017م على ان للتناصرِ أهميةٌ عظمى في حياةِ الأمةِ، وبدونهِ يُصبحُ المجتمعُ الإسلامي مكشوفًا أمامَ أعدائِه مُعَرَّضًا للهزيمة وعلى العكسِ من ذلك؛ فإن التزامَ أبناءِ المجتمعِ بنصرِ اللهِ من ناحيةٍ ونصرةِ بعضِهم البعضِ من ناحيةٍ أخرى يؤدي حتمًا إلى فوزِ المسلمين بكلِ خير، وظهورِهم على عدوهمِ تحقيقًا لوعدِ اللهِ عز وجل: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) وأما نصرُ المسلمِ لأخيه المسلم فيكونُ بتقديمِ العونِ له متى احتاجَ إليه، ودفعُ الظلمِ عنه إن كانَ مظلومًا، وردعُهُ عن الظلمِ إن كان ظالمًا تحقيقًا لقولِ الرسولِ صلى اللهُ عليه واله وسلم: “انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا” فقال رجل: يا رسولَ اللهِ! أنصرْهُ إن كانَ مظلومًا، أرأيت إن كان ظالمًا كيف أنصرُه؟ قال: “تحجزُهُ أو تمنعُهُ من الظلم، فإن ذلك نصرُه”.
فقد أوضحَ الرسولُ الكريمُ صلى اللهُ عليه واله وسلم أن رابطةَ الأخوةِ هي التي تجمعُ بين المسلمِ وغيرِهِ من المسلمين، وأن من لوازمِها التناصر: “فكلُّ مسلمٍ على مسلم محرَّم، أخوان نصيران..” (أي ينصر كلٌ منهما الآخرَ ). وكان رسولُ الله صلى الله عليه واله وسلم يوصي بنصرةِ المظلومِ ويشحذُ همم المسلمينَ ويحثُهم على نصرةِ المظلومِ مبينًا أن الجزاءَ سيكونُ من جنسِ العمل:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ: ” مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ عِرْضُهُ إِلَّا خَذَلَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَتُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ إِلَّا نَصَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ”.
و أورد الخطيب أحاديثُ شريفةٌ تُرغّبُ في نصرةِ المظلوم منها:
“عن الامامِ عليٍ عليهِ السلام قال : ” قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله : “لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ ثَلَاثُونَ حَقّاً لَا بَرَاءَةَ لَهُ مِنْهَا إِلَّا بِالْأَدَاءِ أَوِ الْعَفْوِ:- الى أن قال – : وينصره ظالماً ومظلوماً ؛ فأما نصرتُهُ ظالماً فيردُّهُ عن ظلمِهِ، وأما نصرتُهُ مظلوماً فيُعينُهُ على أخذِ حقّه ولا يسلّمُهُ ولا يخذلُهُ، ويُحبُ له من الخيرِ ما يُحبُ لنفسهِ ويكرهُ له من الشرِ ما يكرُهُ لنفسِه”.
وعن أبي الحسن عليه السلام قال: “إن للهِ عزّ وجلّ جنّة إدّخرها لثلاث: إمامٍ عادل, ورجلٍ يحكمُ أخاه المسلم في مالِه, ورجلٌ يمشي لأخيهِ المسلمِ في حاجةٍ قُضيت له أولم تقض”.
… وقالَ الامامُ أميرُ المؤمنينَ عليٌ عليه السلام : لولا حضورُ الحاضرِ، وقيامُ الحجةِ بوجودِ الناصرِ، وما أخذ اللهُ من العلماء ألاّ يقارّوا على كظّة ظالم، ولا سَغب مظلوم، لألقيت حبلَها على غاربِها…
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : ” قال عيسى بن مريم لبني اسرائيل : لا تعينوا الظالمَ على ظلمِهِ فيبطلُ فضلَكم “ومـن وصايا أمير المؤمنين للحسنين عليهم السلام : كونا للظالمِ خصماً وللمظلـومِ عـونـاً.
وجاء في مواعظِ المسيحِ عليهِ السلام انه قال : بحقٍ اقولُ لكم : إن الحريقَ ليقعُ في البيتِ الواحدِ فلا يزالُ ينتقلُ من بيتٍ الى بيتٍ حتى تحترقَ بيوتٌ كثيرة، إلاّ ان يستدركَ البيتَ الأولَ فيهدمُ من قواعدِهِ فلا تجدُ فيه النارُ محلاً. وكذلك الظالمُ الأولُ لو أخذ على يديه لم يوجدْ من بعده امامٌ ظالمٌ فيأتمونَ به، كما لو لم تجدِ النارُ في البيت الأول خشباً وألواحاً لم تحرقْ شيئاً.
وقال عليه السلام : أيما مؤمن نفّسَ عن مؤمنٍ كربةً وهو معسرٌ يسّر اللهُ حوائجَهُ في الدنيا والآخرة، قال : ومن سترَ على مؤمنٍ عورةً يخافها سترَ اللهُ عليه سبعينَ عورةً من عوراتِ الدنيا والآخرة، قال : واللهُ في عونِ المؤمن ما كانَ المؤمنُ في عونِ أخيه، فانتفعوا بالعظةِ، وارغبوا في الخير.وروي بسند معتبر آخر انّه قال عليه السلام : ما من مؤمنٍ يخذلُ أخاه وهو يقدرُ على نصرتهِ الاّ خذلهُ اللهُ في الدنيا والآخرة …
وروي عن أبي عبدالله عليه السلام انّه قال : أُقعِدَ رجلٌ من الأخيارِ في قبرهِ فقيلَ له : انّا جالدوك مئةَ جلدةٍ من عذابِ الله، فقال : لا أُطيقها، فلم يزالوا به حتى انتهوا إلى جلدةٍ واحدةٍ، فقالوا : ليس منها بدّ….فقال : فيما تجلدونيها ؟ قالوا : نجلدُك لأنّك صلّيتَ يوماً بغيرِ وضوء، ومررتَ على ضعيفٍ فلم تنصرْه، قال : فجلدوه جلدةً من عذابِ الله عزّوجلّ، فامتلا قبرُه ناراً وروي بسند معتبر آخر عنه عليه السلام انّه قال : أيّما رجل مسلم أتاه رجل مسلم في حاجة وهو يقدر على قضائها، فمنعه اياها، عيّرُهُ اللهُ يومَ القيامة تعييراً شديداً، وقال له : أتاك أخوك في حاجةٍ قد جعلت قضاءَها في يدك، فمنعتُهُ ايّاها زهداً منك في ثوابِها، وعزّتي لا أنظرُ إليك اليومَ في حاجةٍ مُعذّباً كنت أو مغفوراً لك… وقال عليه السلام :… انّ الله تبارك وتعالى آلَ على نفسِه أن لا يجاورَهُ خائن، قال [ الراوي : ] قلت : وما الخائن ؟ قال : من ادخرَ عن مؤمنٍ درهماً، أو حبسَ عنه شيئاً من أمرِ الدنيا، قال : أعوذُ بالله من غضبِ الله.
فقال : انّ اللهَ تبارك وتعالى آلَ على نفسِهِ أن لا يسكنَ جنّتَهُ أصنافاً ثلاثة : الرادُ على اللهِ عزّو جلّ، أو رادٌّ على امامٍ هدى، أو من حبسَ حقَّ امرء مؤمن، قال : قلت : يُعطيه من فضلِ ما يملك؟ قال : يُعطيه من نفسِهِ وروحِه، فإن بخِلَ عليه مسلمٌ بنفسِهِ فليس منه، انّما هو شركُ الشيطان.”