أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد الصديقة الطاهرة (عليها السلام) في محافظة (البصرة – المعقل) بإمامة الشيخ صادق المندلاوي (دام عزه) وذلك في يوم الجمعة 17 / 8 / 2018 م الموافق له الخامس من ذي الحجة 1439 هـ ، حيث تناول الشيخ المندلاوي في خطبته الأولى ” السيرة العطرة للإمام محمد الباقر (عليه السلام) ” تزامنا مع قرب مرور ذكرى استشهاد هذا الإمام العظيم (عليه السلام) ونحن نقف على اعتاب هذه الذكرى الحزينة على قلوب شيعة أهل البيت (عليهم السلام) لابد لنا من أن نأخذ العظة والعبرة من سيرته العطرة الطاهرة ، حيث نشأ الإمام الباقر في رعاية ابيه زين العابدين (عليهما السلام) واخذ منه علمه وحلمه وعبادته وتولى الإمامة بعده في عمر اربعين سنة ، وقد استفاد الإمام الباقر(عليه السلام) من هامش حرية التحرك الناتج من ظروف سياسية واكبت مرحلة إمامته ، حيث انشغل الحكم الأموي بالصراعات الداخلية فيما انشغل الإمام بالعمل على حفظ أصالة رسالة الإسلام و تثبيت دعائم خط أهل البيت (عليهم السلام) الذي هو امتداد لما جاء به رسول الله (صلوات الله عليه وعلى اهل بيته) …
وأشار خطيب الجمعة الى دور الإمام الباقر (عليه السلام) في الالتفات لشؤون الواقع المعاصر له من خلال التصدي والمواجهة للانحراف الفكري والعقائدي والاجتماعي والسياسي والمفاهيمي نتيجة اختلاط المسلمين بافكار وحضارات بعد الفتوحات اضافة الى أن بني أمية راحوا يتلاعبون بالأحاديث ليثبتوا دعائم حكمهم إزاء مخالفيهم فألفوا وألغوا وعبثوا بمساعدة علماء وظفوهم لهذه الغاية وسموا بعلماء او وعاظ السلاطين وارتبط من يومها اسمهم بالسوء ، فلهذا أرسى الإمام الباقر (عليه السلام) أساسات جامعة ، تخرج فيها آلاف العلماء ، وتشهد لجهوده غزارة الأحاديث التي وردت عنه والمسائل التي أجاب عنها والمناظرات التي حصلت بينه وبين أصحاب العقائد والأفكار المختلفة…
وتتطرق الشيخ المندلاوي في الخطبة الثانية عن (فضل ومكانة قبلة المسلمين في مكة المكرمة) فان المكان الذي يرتاح إليه الإنسان ويطمئن فيه نجده دائم التردد إليه ، وهذا فعلاً ما يشعره كل راغب إلى الحج ، فنجد الناس يحجون إلى بيت الله رغم معرفتهم بالمشقات والصعوبات والأخطار ويمنون النفس بالحج في كل عام لو سنحت الفرصة والظروف ، ويكفي للدلالة على ذلك جموع المنتظرين لأداء هذه الفريضة فعندما أتى النداء من الله إلى نبيه إبراهيم (عليه السلام) بعدما انتهى من رفع قواعد البيت مع ولده إسماعيل (عليه السلام) ، {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} ، فسأل ربه كيف ذلك وصوتي لا يصل إليهم ، قال: عليك النداء ، وعليّ البلاغ … تذكر الرواية أن إبراهيم وقف على جبل الصفا وقال بأعلى صوته : “أيها الناس قد اتخذ الله لكم بيتاً فحجوا إليه” وانتشر النداء في الأرجاء… ومنذ ذلك الوقت والناس يفدون برغبة وشوق وحنين إلى البيت لا يمنعهم عن ذلك مشاق الطريق وبُعد السفر ولا حرارة مناخ ولا أرضها الجرداء القاحلة ، لقد أودع الله في النفوس جاذبية لهذا البيت … وقد أخبرنا الله سبحانه عن ذلك عندما سمى مركز البيت وهو مكة أنها أم القرى كما قال لرسوله: { لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} ، فمكة بمثابة هي الأم التي ينجذب إليها أولادها وتحتضنهم ، والجدير بالذكر يعتبر منبر صلاة الجمعة باب من أبواب الله الصادحة للتذكير بالتعاليم الإسلامية التي سعى أبناء المعقل من أجل اقامتها .
ركعتا صلاة الجمعة المباركة