أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد الصديقة الطاهرة -عليها السلام- في محافظة البصرة بإمامة الشيخ أحمد الشميلاوي -دام عزه – وذلك في يوم الجمعة المصادف 21 رجب 1440 هجرية، الموافق 29 آذار 2019 ميلادية ، حيث تطرق الشميلاوي في الخطبة الأولى تزامنًا عن قرب الذكرى الأليمة على قلوبنا وقلوب المؤمنين والمؤمنات ألا وهي استشهاد نزيل السجون الإمام الكاظم -عليه السلام- إلى بعض الجوانب من حياته المباركة قائلًا أن الإمام الكاظم – عليه السلام -قد عاصر أيّام انهيار الدولة الإموية التي عاثت باسم الخلافة النبويّة في أرض الاسلام فسادًا وعاصر أيضًا بدايات نشوء الحكم العبّاسي الذي استولى على مركز القيادة في العالم الإسلامي تحت شعار الدعوة إلى الرّضا من آل محمد -صلى الله عليه وآله وسلم – ، وعاش في ظلّ أبيه الصادق -عليه السلام- عقدين من عمره المبارك وتفيّأ بظلال علوم والده الكريم ومدرسته الربّانية التي استقطبت بأشعتها النافذة العالم الإسلامي بل الإنساني أجمع .
وقد تصدّى لمنصب الإمامة بعد أبيه الصادق -عليه السلام- في ظروف حرجة كان يخشى فيها على حياته، وقد أحكم الإمام الصادق -عليه السلام- التدبير للحفاظ على ولده موسى ليضمن استمرار حركة الرسالة الإلهية في أقسى الظروف السياسية حتى أينعت ثمار هذه الشجرة الباسقة خلال ثلاثة عقود من عمره العامر بالهدى، وتنفّس هواء الحرية بشكل نسبي في أيّام المهدي العبّاسي وما يقرب من عقدِ أيام حكم هارون ، لقد عاش الإمام موسى الكاظم -عليه السلام- ثلاثة عقود من عمره المبارك، ولكنه قد عانى من الضغوط في عقده الأخير ضغوطاً قلّما عاناها أحد من أئمة أهل البيت -عليهم السلام- من الأمويين وممن سبق الرشيد من العباسيين من حيث السجن المستمرّ والاغتيالات المتتالية حتى القتل في سبيل الله على يدي عملاء السلطة الحاكمة باسم الله ورسوله.
وأشار خطيب الجمعة الى سير الإمام موسى الكاظم -عليه السلام- على منهاج جدّه رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- وآبائه المعصومين علي أمير المؤمنين والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر … في الاهتمام بشؤون الرسالة الالهيّة وصيانتها من الضياع والتحريف، والجدّ في صيانة الاُمّة من الانهيار والاضمحلال ومقارعة الظالمين وتأييد الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر للصدّ من تمادي الحكام في الظلم والاستبداد، وقد كانت مدرسته العلمية الزاخرة بالعلماء وطلاّب المعرفة تشكّل تحدّياً اسلاميّاً حضاريّاً وتقف أمام تراث كل الحضارات الوافدة، وتربي الفطاحل من العلماء والمجتهدين وتبلور المنهج المعرفي للعلوم الإسلامية والإنسانية معًا، كما كانت نشاطاته التربوية والتنظيمية تكشف عن عنايته الفائقة بالجماعة الصالحة وتخطيطه لمستقبل الاُمّة الإسلامية الزاهر والزاخر بالطليعة الواعية التي حفظت لنا تراث ذلك العصر الذهبي العامر بمعارف أهل البيت -عليهم السلام- وعلوم مدرستهم التي فاقت كل المدارس العلمية في ذلك العصر وأخذت تزهر وتزدهر يومًا بعد يوم حتى عصرنا هذا .
وتطرق الشيخ الشميلاوي في الخطبة الثانية إلى
( الشباب ودورهم في نصرة القضية الحقة )
فقد وضح الإمام الصادق – عليه السلام- إلى دور الشباب في الأسرع إلى عمل الخير كما جاء ذلك
بقوله -عليه السلام – : «عليك بالأحداث فإنهم أسرع إلى كل خير» .فيؤكد لنا في هذه الكلمة أن الشباب هم الأسرع إلى كل خير، وذلك ينافي الفكرة السائدة بأن الشاب بطبيعته يكون متمرداً وعازفاً عن الالتزام الديني، ومسترسلاً مع اللهو واللعب. هذه الرؤية للإمام تؤكدها مسيرة الأنبياء والأئمة في التاريخ، حيث نجد أن أوائل من آمن بالأنبياء في الغالب كانوا من جيل الشباب، كما نقرأ في القرآن الكريم، حين يحكي قصة نبي الله نوح -على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام- يقول تعالى على لسان الكفار ((مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ )) يعني صغار السن الذين لم تنضج أراؤهم، ونبي الله موسى يقول الله تعالى عنه ((فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِمْ ، ذرية)) يعني أبناء وأولاد. وفي سيرة نبينا محمد نجد أن المشـركين وعتاة قريش جاءوا إلى عمه أبي طالب قائلين له: إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وسفَّه أحلامنا وأفسد شبابنا! وقد ورد عن رسول الله أنه قال: (أوصيكم بالشبان خيراً فإنهم أرق أفئدة، وإن الله بعثني بشيراً ونذيراً فحالفني الشبان وخالفني الشيوخ، ثم قرأ قوله تعالى ((فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)) وهذا ما نقرأه في حديث الإمام الصادق – عليه السلام -* لتلميذه بأن يتجه إلى الشباب…. والجدير بالذكر يعتبر منبر صلاة الجمعة باب من أبواب الله الصادحة للتذكير بالتعاليم الإسلامية التي سعى أبناء المعقل من أجل أقامتها.
ركعتا صلاة الجمعة