أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد الصديقة الطاهرة (عليها السلام) بإمامة الخطيب الشيخ حيدر الزيدي (دام عزه) وذلك في يوم الجمعة 29 / 9 / 2017 م الموافق له الثامن من محرم الحرام 1439 هـ ، وتتطرق الخطيب الشيخ الزيدي في الخطبة الأولى الى الأمر الفضيع في العاشر من المحرم الحزين الكئيب ، هذا اليوم الذي أبكى ملائكة السماء ، هذا اليوم هو يوم استشهاد سبط النبي الاكرم محمد (صلى عليه وعلى اله وسلم) في هذا اليوم بكى عليه الأنبياء قبل وقوعه ، فكيف بهم وهم يشاهدون تلك الفجيعة في حيز التطبيق ، اليوم الذي جعل الرسولَ حزينا باكيا وجعل الزهراء ثكلى ، لقد اتضحت في ذلك اليوم صورتان صورة للوحشية الأموية وعِظَم خطرها وإعلان تمردها على الدين وعلى شخص الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ، وصورة أخرى تجلت بها التضحية بأسمى معانيها وأجَل صور الارتباط مع الله عز وجل ، فأما الصورة الأولى الوحشية ، فقد وصفها لنا أبو الأحرار الحسين (عليه السلام) بقوله : (كأني بأوصالي تقطعها عُسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء …) ، والأوصال هي أعضاء الجسم ، والعُسلان هي الذئاب ، فصوّر الإمام (عليه السلام) لنا ذلك الجيش الأموي بأنه قطيع من الذئاب الضارية ، وهنا يجب علينا أن نلتفت إلى نقطة مهمة وهي أن أجساد المعصومين (عليهم السلام) محرمة على الوحوش ، ولكن إنما شبّه الإمام (عليه السلام) هؤلاء القوم بالذئاب ، لان النفس البشرية التي استحوذ عليها الشيطان وعميت بطول الأمل وحب المال ونسيت ذكر الله فإنها تكون اشد وأكثر قسوة من الوحوش والذئاب ، فصفة الذئاب كانت سمة واضحة لذلك الجيش ، صبيحة يوم العاشر من محرم ، فلم ينفع معهم النصح ، ولم يبالوا بمنزلة الحسين (عليه السلام) عند جده الخاتم ، فبعد أن أثخنت الحسين (عليه السلام) الجراحات سقط على وجه الأرض وهو يقول : (.. صبراً على قضائك يا رب لا إله سواك ، يا غياث المستغيثين مالي رب سواك ولا معبود غيرك ، صبراً على حكمك ، يا غياث من لا غياث له يا دائماً لا نفاد له ، احكم بيني وبينهم وأنت خير الحاكمين … ) ، وأما الجانب الآخر من التقطيع بالألسن يتضح أيضا من المحاولات اليائسة لبعض السذج المغرر بهم بإن يسطحوا تلك الثورة وان يغيبوا ويغطوّا على تلك الوحشية الأموية ومحاربة أهل بيت النبوّة (صلوات الله عليهم أجمعين) بشتى الأساليب في الماضي والحاضر والمستقبل …
فيما تتطرق الشيخ الزيدي في خطبته الثانية إلى منزلة ومكانة ذكرى عاشوراء الحسين (عليه السلام) عاشوراء اليوم الكئيب عاشوراء اليوم العصيب عاشوراء البكاء والنحيب ، عاشوراء الحسين (عليه السلام) في قلوب العشاق والاحرار فنجدهم غالباً يرددونَ شعاراتِ الثورةِ الحسينيةِ بقلوب حرة وبشموخ عالية ، ويتعاملونَ مع هذهِ الشعاراتِ باعتبارِها الامتدادَ الطبيعي لهذهِ الثورة ، حتى أصبحت تلك الشعارات تمثلُ شحنةَ انتمائِهم ومحبتهم ، ودليلَ تواصلِهم مع المنهجِ الثوري الحسيني وتفاعلهم معه لان تلك الشعارات تعبرُ عن الخيرِ كلهِ والحياة ِوالعزةِ والشموخِ وكما قال سماحةُ المرجعُ المحقق (دام ظله الشريف) في كتابِ الثورةِ الحسينيةِ والدولةِ المهدويةِ ((انَّ طف كربلاء يمثلُ الخيرَ والشرَ والصراعَ بينهما منذ خُلِق ادم الى يوم الدين في الارض والسماءِ عند اهلِ الارضِ وعند سكانِ السماءِ وإنَّ الإمامَ الحسينَ (عليه السلام) يمثلُ الصدقَ والحقَ القسيمَ والمحكَ بين الخيرِ والشرِ والجنةِ والنارِ وفي جميعِ تلك العوالمِ .
ركعتا صلاة الجمعة المباركة