قال الأستاذ نبيه المنيهلاوي – وفقه الله – إن مصيبة الحسين -عليه السلام- وأبنائه الكرام قد بلغت عنان السماء وبكت لها السموات والأرض بالدماء وناحت لها الوحوش والحيتان في لجج الماء وأقامت لها الملائكة فوق سبع الطباق مأتمًا ونصبت من أجلها مياه البحار والأنهار وسكنت بسببها حركات الفلك الدوار كيف لا وقد أصبح لحم رسول الله أشلاء على التراب
وتابع خلال خطبتي صلاة الجمعة المباركة التي ألقاها اليوم الأول من محرم الحرام 1442 هـ الموافق 21 آب 2020 م في مسجد وحسينية نبي الرحمة – صلى الله عليه وآله وسلم – في مدينة الكوت مركز محافظة واسط : وعن الإمام الصادق -عليه السلام- أنه قال : إذا هلّ هلال المحرم نشرت الملائكة قميص الحسين -عليه السلام- وهو مخضب بالدماء فنراه نحن ومن أحبنا نراه بالبصيرة لا بالبصر أي يعيش في مشاعرنا فتحزن لذلك نفوسنا وعندما يأتي هذا الشهر تأتي معه هذه الذكريات الأليمة تأتي معه صور من واقعة الطف وتعود الى الذهن صور مما جرى في واقعة الطف فيكثر الحزن والألم وإذا هلَّ على أهل البيت هذا الشهر يعقدوا له المأتم ، فلقد كان الإمام الصادق -عليه السلام- يجتمع مع شيعته وخاصته ويعقد المأتم ويستدعي بعض الشعراء ويكلفهم أن ينظموا في واقعة الطف القصائد الحزينة ويجلس نساؤه من وراء الستر
وأضاف المنيهلاوي : مع كل عام تتجدد هذه الذكرى بقيمها وأشخاصها ، فنستذكر بطولاتهم ، ونستلهم الدروس والعبر من تضحياتهم .. ونتعلم من هذه المدرسة معاني الوفاء والكرامة .ونصرة المظلوم والدفاع عن الدين وثباته وعن الحق ونصرته والتحلي بالصبر وعدم الخضوع والخنوع للباطل مهما كان حتى حياتك ، لهذا فإننا بحاجة مع بداية كل عام هجري إلى أن نسأل : كيف ينبغي لنا أن نستقبل عاشوراء الحسين -عليه السلام- ؟ وكيف ينبغي أن نتعامل مع بطولات أهل بيته -عليهم السلام- ونبل وتضحيات أصحابه رضوان الله عليهم جميعا ؟
وبيّن الخطيب : لم تكن ثورة الإمام الحسين -عليه السلام- تختلف في أهدافها ومبادئها عن الأهداف والمبادئ التي أشتملت عليها رسالات السماء وناضل وجاهد من أجلها الأنبياء -عليهم السلام- على إمتداد التأريخ الإنساني ومن هنا فإن واقعة (الطف) تمثل حلقة طبيعية في حركة الأنبياء والرسل وأن غيابها يعني الإخلال بشروط مسيرة الحق والإضرار بالقيم والمثل المقدسة ولذا فإن شرعية هذه الثورة هي حقيقة مرادفة لشرعية رسالات السماء كما إن القوانين الإلهية في أبعادها التأريخية والسياسية والإجتماعية هي ذات القوانين التي إنطلقت وفقها تلك الرسالات وتفجرت على أساسها هذه الثورة
وختم الخطيب: بين السيد الأستاذ – دام ظله- في كتابه ( الثورة الحسينة والدولة المهدوية ) في قوله : إن الغاية والهدف ليس الطف كواقعة حصلت وليس الإمام الحسين -عليه السلام- كشخص معصوم مفترض الطاعة قتل فعلينا ذرف الدموع على تلك الحادثة المأساوية الحزينة ، بل أن طف كربلاء تمثل الخير والشر والصراع بينهما منذ خلق آدم إلى يوم الدين ، في الأرض والسماء ، عند أهل الأرض وعند سكان السماء ، وإن الإمام الحسين -عليه السلام- يمثل الصدق والحق والقسيم والمحك بين الخير والشر والجنة والنار وفي جميع تلك العوالم ، وبعد إثبات ذلك يصبح الأمر واضحاً ان حركة التمهيد المهدوي واليوم الموعود المقدس والإمام المنتظر -عليه السلام- ودولته الإلهية العادلة ، كلها جزءً من الحركة الحسينية .