في مسجد الصادق الامين (صل الله عليه و اله و سلم) اقيمت صلاة الجمعة بامامة الشيخ علي العبودي في منطقة الشعب وسط مدينة بغداد . يوم الجمعة 2017/4/7
و قال الشيخ في خطبته يومَ غدٍ انْ شاء اللهُ تعالى العاشر من رجبِ الأصب سيصادفُ ذكرى ولادة الامامِ محمد الجواد عليه السلام فلذا نرفعُ أسمى آياتِ التهاني وَ التبريكات لمقامِ الرسولِ الأعظم وَ لأهل بيتهِ الأطهارِ صلوات اللهِ وسلامه عليهم أجمعين .. و لِمقام بقيةِ اللهِ في أرضهِ أرواحُنا لترابِ مقْدَمهِ الفداء ولمراجعِنا العاملينَ المخلصينَ لاسيَّما المرجِعُ العراقي السّيدُ الصرخي الحسني دام ظلُّهُ المبارَك والى الاخيارِ الانصارِ الاطهار والزينبياتِ الفاضلاتِ العفيفاتِ وللامة الاسلاميةِ بمناسبةِ ذكرى ولادة الإمامِ الجوادِ عليهِ السلام …
السلامُ على العليّ عن نقصِ الأوصاف السلام على الرضيّ عندَ الاشراف السلامُ على الطاهرِ منَ المُطَهَرِينَ السلامُ على مولاي جوادِ الائمةِ ما بقيتُ وبقيَ الليلُ والنهار … نسلمُ ونصلي على امامِنا الجوادِ عليهِ السلامُ ببركةِ الصلاةِ على محمد والِ محمد …
لقد وردَ أنَّ من أعمالِ شهرِ رجب أن يُدعى في كلِّ يومٍ من رجب بهذا الدّعاءِ الذي رُوِيَّ أنَّ الإمامَ زينَ العابدين (عليهِ السلام) دعا به في الحِجرِ في غُرّةِ رجب فلندعوا به ونقول: يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السّائِلينَ، ويَعْلَمُ ضَميرَ الصّامِتينَ، لِكُلِّ مَسْأَلَة مِنْكَ سَمْعٌ حاضِرٌ وَجَوابٌ عَتيدٌ، اَللّـهُمَّ وَ مَواعيدُكَ، الصّادِقَةُ، واَياديكَ الفاضِلَةُ، ورَحْمَتُكَ الواسِعَةُ، فأسْألُكَ اَنْ تٌصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد واَنْ تَقْضِيَ حَوائِجي لِلدُّنْيا وَالاْخِرَةِ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ .
عبادَ الله اتقوا اللهَ حقَ تُقاتهِ ولا تمُوتُنَّ إلا وانتم مسلمون …
نتكلمُ في هذه الخُطبةِ المباركةِ عن بعضِ الجوانبِ المهمةِ من حياةِ الإمام محمدٍ الجواد عليه السلام مع العلم انهُ بالرغم من قلة سنينَ عُمرهِ الشريف ، نرى أنَّ له كلماتٍ هزت عروشَ الطغاةِ ورغمَ عمرهِ القصير الّذي عاشه، حيث لم يتجاوز ـ على أبعد الرّوايات ـ السادسةَ والعشرين ـ تركَ الكثيرَ من الأحاديث، وأجابَ عن آلافِ المسائلِ في الفكر والفقهِ وتفسيرِ القرآن والفلسفةِ وعلم الكلام، وغيرِ ذلك من مسائلِ العلم، وكان مقصداً ومرجعاً للعلماء والنّاس جميعاً.
وشأنُ كلِّ أئمّةِ أهل البيتِ(عليهم السلام)، لم تقتصر إمامةُ الجواد على التفرّغ لشؤونِ التّشريعِ والفقهِ والبحثِ فيها، رغمَ أهميّةِ هذا الدّور، لأنّ دورَهُ الكبير كان في أن يبقى الإسلامُ نقيّاً صافياً كما جاء به رسولُ اللهِ(صلى الله عليه واله وسلم)..من هنا، كان حرصُ الإمامِ(عليه السلام) على ترجمةِ هذا الدّينِ إلى حركةٍ تنزلُ إلى أرضِ الواقع، ليكون إسلاماً يتحرّكُ عبادةً وأخلاقاً ومعاملةً وسلوكاً ومحبّةً وإنسانيّة …
والكلام عنه (عليه السلام) يكونُ من عدة جوانب:
الجانبُ الأول: ويكونُ عن ولادته (عليه السلام) فترويها حكيمة بنتُ الإمامِ موسى الكاظم (عليه السلام) ونُقل أنّها قالت:
لمّا حضرتْ ولادةُ خيزران اُمّ أبي جعفر (عليه السلام) ، دعاني الرضا (عليه السلام) فقال لي: (( يا حكيمة إحضري ولادتَها ، وادْخُلي وإيّاها والقابلةَ بيتاً )) . ووضع لنا مصباحاً وأغلقَ البابَ علينا ، فلمّا أخذها الطلقُ طفي المصباحُ وبين يديها طست ، فاغتَممَت بطفيِ المصباح ، فبينما نحن كذلك إذ بدرَ أبو جعفر (عليه السلام) في الطست ، وإذا عليه شيءٌ رقيقٌ كهيئةِ الثوب يسطعُ نورُهُ حتّى أضاءَ البيتَ ، فأبصرناهُ ، فأخذتهُ فوضعتُهُ في حُجري ونزعتُ عنه ذلك الغشاءَ ، فجاء الرضا (عليه السلام) ففتحَ البابَ وقد فرغنا من أمرهِ ، فأخذهُ فوضعَهُ في المهد وقال لي: (( يا حكيمة ، إلزمي مهدَهُ )) . قالت: فلمّا كان في اليوم الثالثِ رفعَ بصرَهُ إلى السماء ثم نظرَ إلى يمينهِ ويساره ، ثم قال: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ الله وأشهدُ أنّ محمّداً رسولُ الله )). فقمتُ ذَعِرَةٌ فَزِعَة ، فأتيتُ أبا الحسن (عليه السلام) فقلتُ له: لقد سمعتُ من هذا الصبي عجباً ! فقال: (( وما ذاك؟ )) فأخبرتهُ الخبرَ فقال: (( يا حكيمة ، ما تُروى من عجائبِهِ أكثر )) وروي عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال: (( قد وُلدَ شبيهُ موسى بن عمران فالقُ البحار ، فيبكي عليه أهلُ السماء ، ويغضبُ اللهُ تعالى على عدوّهِ وظالمهِ فلا يلبثُ إلاّ يسيراً حتّى يُعجّلَ اللهُ به إلى عذابهِ الأليمِ وعقابهِ الشديد …))، صلوّا على محمد وآل محمد …
الجانبُ الثاني / قِيَادَةُ التَصَدي والتَحَدي عند الإمَامِ الجَوادُ (عليه السلام) … المعروفُ إنّ الموقفَ السياسي الذي اتخذَهُ الإمامُ كان متعارضاً مع السلطة، بسببِ مبدئيّةِ الإمام(عليه السلام) التي يقابلُها دنيويةُ الحاكم، موقفانِ متضادانِ لا يمكنُ التوفيقُ بينهُما، فالإمامُ يتحركُ على ضوءِ رؤيةٍ قرآنية. ورؤيتُةُ (عليه السلام) تعني إقامةَ الحقِّ والعدلِ وتطبيقَ مبدأِ المساواةِ في الحقوق والواجبات، واحترامَ حقوقِ الإنسانِ على ضوء الشريعةِ الاسلاميّة، والغاءَ الطبقياتِ ومحاسبةَ المفسدينَ وملاحقةَ الظالمين.
ولاشكَ أنّ الإمامَ(عليه السلام) لا يمكنُ أنْ يتنازلَ عن قيّمِهِ الرساليّة قيدَ شعرة. والإمامُ يحذرُ الأمّةَ من مغبة إعانةِ الظالمينَ وبيعِ الدّينِ بالدنيا، وكان يمارسُ دوراً توعويّاً، يُعبئ الأمّةَ ويستنهضُ طاقاتِها لِتحمِلَ مسؤوليَّتِها الرساليّةَ في مواجهةِ الظالمين. وكانت أقوالُه وأحاديثهُ وتوجيهاتُهُ للأمّة، تُشكّلُ منهجاً تغييرياً يتناولُ صلبَ الواقعِ الحياتي للمجتمع، كما أنّ هذهِ الأقوالَ والأحاديثَ، كانت العصبَ الموجِّهَ لتربيّةِ الأمّةِ وتعريفِها بحقوقها المشروعةِ المستلبةِ منها.
فمن أقوالهِ(عليه السلام): (كفى بالمؤمن خيانة أنْ يكونَ أميناً للخونة)، (ما هَدَمَ الدينُ مثلَ البِدعِ)، (مصاحبةُ الشريرِ كالسيفِ المسلولِ يحسنُ منظرهُ ويقبحُ أثره).
ومن المؤكدِ أنْ يكونَ للسلطةِ موقفاً سلبياً من الإمام الجواد(عليه السلام)، وهذا الأمرُ طبيعيٌ على ضوءِ المقاييسِ الرساليّة، فالطواغيتُ هم أشدُ عداوةً من غيرِهم لأصحابِ المشاريعِ الإصلاحيّة، وكلما مرّتِ الأيامُ ازدادَ موقفُ السلطةِ تشنجاً، من دورِ الإمامِ الجوادِ (عليه السلام) ونشاطِهِ وتوسعِ رقعةِ جماهيريتِه.