قال خطيب جمعة الديوانية فضيلة الشيخ الشاب مرتضى البديري ( وفقه الله ) أن مجتمعنا اليوم بشكل عام وبلدنا الحبيب بشكل خاص قد أجتاحته الانحرافات الأخلاقية والفكرية والعقائدية وخاصة شريحة الشباب التي هي أهم فئة عمرية من فئات المجتمع التي بها ينهض المجتمع فكان لزاماً ومؤكداً على الشباب المسلم الواعي أن يأخذ على عاتقه تحمل الأمانة الشرعية في الرسالة الإسلامية الوسطية الأصيلة وينتهج عدة سبل وفعاليات ممكنة والتي من خلالها يتم إيصال رسالة تربوية إسلامية للشباب ترتكز على الوسطية والتقوى والأخلاق الرسالة التي اعجبتنا وتربّينا عليها منذ التحاقنا بمرجعية السيد الأستاذ والتي نجد فيها الامتداد والتجديد لرسالة الإسلام الوسطي التي حملها الشهيدان الصدران الأول والثاني”رحمهما الله ورفع منزلتَيهما” فكان الراب المهدوي الحسيني الإسلامي الذي طوره الشباب المسلم الواعد واستحدثوه فصار من الوسائل والأساليب المهمة التي لمخاطبة الشباب لإيصال رسالة تربوية لنشر وتعزيز السلام والوسطية والاعتدال مع التقوى والاخلاق من أجل انقاذ شبابنا المظلوم المحروم والذي فرّ من الدين والاخلاق الى الرذيلة والانحلال والجريمة والمخدرات والجهل والالحاد قال الله تعالى{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}الاعراف199 ، والكثير يسأل اليوم ما الهدف من استخدام الراب في تمرير رسائل اجتماعية ؟ فالجواب البديهي والواضح لأن الراب قد اجتاج مجتمعنا الشبابي ونحن أصحاب رسالة نريد ايصالها لشبابنا إخواننا الأعزاء فنضطر لمخاطبتهم بالوسيلة التي اعتادوها ذهنيا وعمليا فهدفنا التربية الصالحة والإصلاح ، فالقضايا التي يتناولها الراب قضايا اجتماعية وِفْقَ نظرة إسلامية واقعية معتدلة من منابعها الوسطية الأصيلة فالراب التربوي رسالة لكل الشباب حتى أبناء رجال الدين والمسؤولين والسياسيين على مختلف طوائفهم وتوجهاتهم واختلافاتهم وصراعاتهم ، وكذا السؤال المطروح بأن الراب اساسا هو نوع موسيقي غربي الا يتعارض ذلك مع احكام الشريعة الاسلامية؟ أليس من الجدير خلق نوع جديد محلي عوضا عن استيراد صيحة غربية؟ فنقول قبل نزول القرآن وقبل البعثة النبوية وقبل الإسلام كانت الجاهلية تسود المجتمع كلّه وفي كل بلدان العالم، فكانت الموسيقى والاطوار والالحان كلها تستخدم في مجالس اللهو والطرب والحرام، ثم جاء الإسلام ونزل القرآن فصار المسلمون ولا زالوا يقرأون القرآن والأدعية والأذكار والأناشيد والمراثي والمجالس والنعي وثم القصائد الحسينية ونحوها، كلها يتم قراءتها على الأطوار والالحان والموسيقى السائدة في المجتمع والتي هي كلها في الأصل من الجاهلية ماقبل الإسلام،
فكل الالحان والاطوار والموسيقى في الأصل من الجاهلية واللهو والطرب والحرام ولكن تم استخدامها في الحلال،
ـاذن فالموسيقى بعنوانها العام من الأمور المباحة شرعا، ولا فرق فيها سواء كانت عراقية أو إيرانية أو امريكية أو هندية أو باكستانية أو صينية أو جنوب افريقية أو شرقية أو غربية أو أفريقية أو آسيوية أو أوربية، فلا فرق في كل ذلك،
ويبقى الاستخدام والمستَخدِم هو الذي يجعلها محرمة بعنوان ثانوي أو محللة،
فالراب والموسيقى حالها حال باقي الأمور المشتركة التي يمكن ان تستخدم في الحرام والإفساد واللهو والتكفير والاجرام، كما يمكن ان تستخدم في الحلال والإصلاح والسلام والتربية الصالحة والأخلاق،
فمثلا: الذرّةُ والعِلمُ نفسُه، قد استخدمه وسخّره البعض للحروب والاسلحة الحربية والقنابل الذرية والقتل والإرهاب، فيما استخدمه وسخّره اخرون للاكتشافات العلمية المفيدة للناس في كافة مفاصل ومناحي الحياة فيما يخدم البشرية والأجيال،
واذا كان الكلام عن الاستيراد من الغرب وامريكا، فهل عندنا أصلا أو بقي عندنا شيء غير مستورد من أمريكا والغرب؟! بل حتى (الديمقراطية) مستوردة أو مفروضة من أمريكا والغرب؟!
ـفالراب سواء أكان أسلوبَ مخاطبة او طورًا او لحنًا او موسيقى، فحكمه حكم اخواتِه المستخدمة في العلاجات الطبية والاناشيد العسكرية وفي الاعراس في كل البلدان وفي الاذكار والتواشيح والمواليد والاناشيد والمراثي والمجالس والقصائد الحسينية والمواكب الحسينية، فالحكم واحد للجميع ولا فرق بينها ، جاء ذلك خلال خطبتي صلاة الجمعة التي أقيمت اليوم المصادف 30 من جمادى الآخرة 1440 هـ الموافق الثامن من آذار 2019 م في مسجد النور وحسينية محمد باقر الصدر ( قدس سره ) وسط المدينة ، وأكمل الشيخ الشاب البديري حديثه متطرقاً لبعض الأنتقادات التي صدرت على الراب المهدوي الحسيني الإسلامي قائلاً : أن لكل انسان اختيار ما يراه مناسبا من موقف أو كلام فللجميع حق الانتقاد،
ويكون النقد نافعا ومنتِجا حينما يكون علمِيا منصِفا خاليا من التعصب والسب والكلام الفاحش،
وأكثر النقد الصادر إما عن جهل أو تعصب فارغ، أو نابع من فكر كلاسيكي غير منفتح وهو أقرب للفراغ الفكري والتحجّر،
وبالتاكيد توجد جهات محرّضة شديدة وعنيفة التحريض، تشعر أن الراب التربوي الرسالي يؤدي الى توعية الشباب والمجتمع مما سيسبب الضرر بمصالحها وسيفقدها مكاسبها ولهذا فانها تريد أن يبقى المجتمع والشباب في ضياع وانحطاط ، يسير نحو الفراغ الفكري والإلحاد و في جهل وتخدير للعقل وعدم الوعي، كي يبقى الفساد والإفساد والإرهاب والحروب والتهجير والنزوح والترويع وسفك الدماء، دون نقاش أو اعتراض!!
ونحن أصحاب رسالة تربوية اجتماعية حملنا امانتها ونعمل على ايصالها للمجتمع ولإخواننا شبابِنا الأعزاء، ونترك لهم الخيار في القبول والهداية والاهتداء أو الرفض والامتناع قال العليم الحكيم{ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}آل عمران104 .