تكلم الأستاذ النائلي – دام توفيقه – خطيب صلاة الجمعة التي أقيمت اليوم الجمعة 17 من شهر ذي الحجة 1441هجرية الموافق السابع من آب 2020 ميلادية في جامع وحسينية الأبرار- لا شكّ بأنّ الأخلاق هي سمة المُجتمعات الرّاقية المُتحضّرة، فأينما وُجِدَت الأخلاق وجدت الحضارة والرّقي والتّقدم، ولمّا أرسل الله تعالى نبيّه محمّد -عليه أفضل الصّلاة والتسليم وعلى آله الطيبين الطاهرين – جعل من مَهمّات دعوته وصميم رسالته أن يُتمّ الأخلاق ويُكمّلها، فالأخلاق موجودة راسخةٌ برسوخ الأمم ونشوئها قبل النبوّة والبعثة، غير أنّها كانت ناقصةً مسلوبة الروح والمضمون، فجاءت الشّريعة الإسلاميّة لتُكمّلها وتُلبسها لباساً يُجمّلها ويَجعلها في أحسن صورة، والأخلاق الحسنة هي حالة إنسانيّة سلوكيّة يسعى كثيرٌ من النّاس الباحثين عن الكمال للوصول إليها وإدراكها، والأخلاق ترفع درجة الإنسان في الحياة الدّنيا وفي الآخرة، فالنّاس يُحبّون صاحب الأخلاق الحسنة الحميدة ويتقرّبون إليه ويتمنّون صحبته وصداقته، وهي كذلك ترفع درجة المُؤمن عند ربّه جلّ وعلا، بل وتجعله من أقرب النّاس مَجلساً إلى رسول الله يوم القيامة، وقد ورد عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنه قال: (إنَّ أحَبَّكم إليَّ وأقرَبَكم منِّي في الآخرةِ أحاسِنُكم أخلاقًا وإنَّ أبغَضَكم إليَّ وأبعَدَكم منِّي في الآخرةِ أسوَؤُكم أخلاقًا المُتشدِّقونَ المُتفيهقونَ الثَّرثارونَ)
و الأخلاق هي المبادئُ والقواعدُ المُنظِّمةُ للسُّلوكِ الإنسانيّ، وقد دعا الإسلام إلى الالتزام بالأخلاق الحميدة والتَمثُّل بها، وحثّ على حفظها وصيانتها، وقد نفت الشريعة الإسلامية صفة الكمال العقائديّ والدينيّ عمّن يُخالف تلك الأخلاق ويُناقضها ولا يلتزم بها.
واشار الخطيب النائلي الى اهمية الصِّدقِ والدقّة: فإن منظومة الأخلاق الإسلاميّة، كما سبق الإشارة إليه، ربانيّة المصدر، وهي بذلك تتّصف بالصّدق والدقّة، حيث إنّ جميع ما جاء به ينطبق عليه هاتين الصفتين، وبما أنّ الأخلاق جزءٌ ممّا جاء به الوحي، فهما يتميّزان ويتّصفان بهاتين الصفتين اللّتين لا تنفكّان عنهما مُطلقاً، قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
ومن هنا يتبين إنّ الشريعة الإسلاميّة إنّما جاءت لتُصحِّح الأخلاق التي كانت سائدةً في المُجتمع الجاهليّ وتضبطها بضابط التديُّن، وتدعو وتجمع ما لم يكن موجوداً في تلك المرحلة، فكانت الأخلاق الإسلاميّة شاملةً مُتكاملةً، قال المصطفى -عليه الصّلاة والسّلام- في ذلك: (إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ).
ثم اقيمت ركعتا صلاة الجمعة