المركز الإعلامي – إعلام الحيانية
أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد الإمامِ صاحب الزمان -عليه السلام- بإمامة الشيخ علي العبودي -دام عزه- وذلك يوم الجمعة 15/ 3/ 2019 م الموافق السابع من شهر رجب من عام 1440هجري،وتحدث العبودي في الخطبة الاولى مبيناً “تمضي بنا الأعمار على غفلة منا، فما أسرع الساعات في اليوم وأسرع الأيام في الشهر وأسرع الشهور في السنة وأسرع السنين في العمر.. والعمر مسؤولية وسيحاسب الإنسان عليها ويسأل عنها بين يدي الله.. فلا يجوز أن تقضى لهواً وعبثاً أو فيما لا طعم له ولا لون ولا رائحة، فالإنسان عليه أن يكون ضنينا بكل دقيقة من عمره ان تذهب هدراً، ولا يملؤها خيراً وعطاء وبناء، ومن صلب إيماننا أن العمر هو أمانة سوف نحاسب عليها عندما نقف بين يدي الله حيث يسأل الإنسان عن عمره فيما أفناه وشبابه فيما أبلاه” وتابع العبودي”ونحن أمام العمر وفي التعامل معه على نوعين، فهناك من يعمر السنين الطوال ولكنه في أخر سنيه السبعين أو الثمانين ينظر إلى ما جناه من كل هذه السنين الطوال…. فلا يجد إلا القليل المتبعثر فهو لم يترك أثراً في حياته أو حياة الآخرين، ولات حين مندم، ومن الناس من يقضي في هذه الحياة اليسير من السنين لكنها سنين مكثفة فهي ساهمت في تغير واقعها وبقي أثرها حتى ما بعد الوفاة، وهذا النوع هو الذي دعانا إليه الله سبحانه عندما دعانا إلى أن يكون عمرنا وفيراً وأن نستغله لا في الأعمال العادية بل بأحسن الأعمال.. قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}.
وواصل الخطيب حديثه قائلا.. ونحن في شهر رجب المعظم سنلتقي يوم العاشر منه بذكرى ولادة أحد أولئك الذين لم يعمروا طويلاً… ولكن رغم قصر عمره كان من تلك البيوت الذي أذن الله أن ترتفع.. فقد ارتفع ذكره في حياته ولا زال يذكر بعد ارتحاله وهو الإمام الجواد(عليه السلام)، وقد حظي هذا الإمام برعاية أبيه الرضا (عليه السلام).. فقد كان ولده الوحيد والذي سيتحمل أعباء المسؤولية من بعده.. وتميز هذا الإمام بالجود ومن كثرة جوده لقب به وأصبح عنواناً لصيقاً به.. ونحن عندما نتحدث عن صفة لدى إمام من أئمة أهل البيت(عليهم السلام) لا نريد في ذلك أخذ العلم أو تبيان مآثره بل بالاقتداء به وأخذ هذه الصفة، وبذلك نكون فعلاً ممن يتولونه والمحبين له.. والمقصود بالجواد حتى نفهم مدلولها هو أن يبذل الإنسان ماله حال اليسر والعسر ولا ينتظر منه مقابل وأن يرى أن الذي بلغه من شكر الذي أسدى إليه أو من عطاء الله أكثر مما أعطاه، وهذه القيمة قيمة العطاء والجود كما تمثلت بسيرته كانت وصيته الدائمة لأصحابه”.
وفي الخطبة الثانية قال الخطيب “يحتاج الإنسان إلى الوسائل المعنوية التي تعينه على تربية نفسه و ترويضها على التحلي بالأخلاق الحميدة و الطبائع الكريمة و يجعلها تسير وفق ما رسمته السماء لها من منهج مستقيم و القناعة بما قسمته لها وعدم الرضوخ لهوى الضلال و الانحراف و عدم تقديم طاعة اللئام على طاعة الكِرام وهذه المَهمة الانسانية لا يمكن أن تتحقق من دون بذل التضحيات الجمة و الصبر الكبير على عِظم البلاء و طول الاختبار الالهي ؛ لان الإنسان وحسب فطرته لا يمتلك الادوات التي تمكنه من تحقيق مراده، فيبقى دائماً محتاجاً إلى معونة السماء وهي متاحة في كل الظروف و الاحوال المختلفة، فهي قد أعطت كل ذي حقٍ حقه ولم تبخل علينا ولو بقيد أنملة لذا فهي وضعت عدة وسائل تعين الانسان على إعداد نفسه و بالشكل الصحيح ومن مختلف الإتجاهات ومن بين تلك الاساليب الناجعة هي التواضع و التحلي بالمكارم النبيلة و ترك العُجُب و التكبر على الآخرين فهذه كلها من السلبيات التي تحط من قدر وشخصية صاحبها” واضاف الخطيب” فالانبياء (عليهم السلام) رغم أنهم من أفضل الخلق لكنهم سطروا أروع صور التواضع و مخالطة الفقراء و مداراة البسطاء قولاً و فعلاً.
وواصل الخطيب.. فهم المدرسة التي تعلم جواهر التواضع و مجالسة الطبقات الفقيرة والمحرومة و التودد إليهم و السعي في قضاء حوائجهم و الوقوف إلى جانبهم في السراء و الضراء مما يُشعرهم بأنهم أناس يستحقون هذه المعاملة الطيبة ولا فرق بينهم و بين الانبياء و باقي الخلق ؛ لان الخلق كلهم لآدم و آدم من تُراب، ولا فرق بين إنسان و آخر إلا بالتقوى ولنا في النبي يوسف – عليه السلام – و على سبيل المثال لا الحصر أنه جسَّد حقيقة هذا المفهوم الإنساني النبيل فرغم عيشه في القصور الفارهات إلا أن ذلك لم يكن حائلاً بينه و بين مجالسة العبيد و الفقراء في ذلك الوقت فكان محبوباً لدى أفراد هذه الشريحة المضطهدة و المحرومة من أبسط مقومات الحياة الكريمة فكان هذا الخُلُق الحسن حقاً من المقدمات المطلوبة في نشر دعوته لعبادة الله الواحد الأحد و ترك عبادة الأصنام والأوثان فكانت تلك الخطوة المهمة نقطة تحول في المجتمع لتقبل دعوته عند الفقراء و البسطاء”.