المركز الإعلامي/إعلام الحيانية
أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد صاحب الزمان (عليه السلام) بإمامة الشيخ محمد الطائي (دام عزه) وذلك في يوم الجمعة 6 / 7 / 2018 م الموافق الثاني والعشرين من شهر شوال الجاري من عام 1439 هـ
حيث تناول الشيخ الطائي في خطبته الاولى ذكرى وفاة الإمام جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام)، موضحاً “ونحن في ذكرى الإمام الصادق سنتوقف عند واحدة من السمات التي تميز بها هذا الإمام وهي سمة الانفتاح العلمي والعملي على المسلمين بكل تنوعاتهم المذهبية والفكرية ما جعله قادراً على تحديد مواقع اللقاء مع الآخرين في الفقه والعقيدة والتفسير وغير ذلك من العلوم وعلى معرفة مواطن الاختلاف، وهو ما نحتاجه في هذه المرحلة لأنه يؤسس لحوار حقيقي إن لم يؤدِ إلى اتفاق.. فلا حوار منتج إن لم يبنى على معرفة صحيحة بالآخر ، ولقد عبر عن هذه السمة أفضل تعبير ذلك اللقاء المثير الذي جمع الإمام الصادق مع أحد أئمة المذاهب الإسلامية أبو حنيفة إمام المذهب الحنفي”، وتابع “هذا الانفتاح الذي عاشه الإمام الصادق هو الذي نحتاجه وهو إن حصل يساهم في تحقيق التقارب بين المسلمين وإزالة الهواجس والأوهام التي تنشأ من جهلهم ببعضهم البعض ويمنع المصطادين في الماء العكر أن يجدوا أرضاً خصبة لهم لتعميق الخلافات وزراعة الأحقاد في ما بينهم، إننا في هذه الذكرى الكريمة، ندعو المسلمين وغير المسلمين إلى أن تتعلم من الإمام الصادق درس الحوار وإتقان لغة التواصل، وإزالة القطيعة بمد جسور المحبة مع الآخرين و خاصة في عصر تساهم فيه وسائل الإعلام والمفتنين في شيطنة الآخر وتكفيره”، وختم قوله “إن هذه القيم قيم المعرفة بالآخر والانفتاح والتواصل والحوار التي دعا إليها الإمام لتكون عنوان العلاقة بين المذاهب الإسلامية حثَّ لتكون أيضاً عنوان العلاقة بين الأديان الأخرى، وحتى مع الجماعات التي لا تؤمن بدين، وهو الذي حاورها بكل انفتاح ومحبة، لنتعلم من الإمام الصادق هذا الحب.. فهذا الحب هو الذي دفعه ليكون حوارياً متواصلاً إنسانياً”.
واشار في الخطبة الثانية الى موضوع ظلم الإنسان لنفسه ، مبيناً” الإنسان في منطق القرآن الكريم، قد لا يتورّع من أن يظلم نفسه ويسيء إليها ويشوه معالمها عمداً وعن سابق تصور وتصميم كالذي يقتل نفسه أو يجرحها أو يعرضها لما يهدد كرامتها أو يضيع إمكانياته وطاقاته، أو يضيع عليها فرصة الثواب الأخروي بإسرافه على نفسه، وعدم القيام بمسؤولياته تجاه ربّه وتجاه عائلته وتجاه الناس والقرآن الكريم والأحاديث الشريفة، كانتا حاسمتين في النهي عن هذا النوع من الظلم بالمطلق وفي التشديد على ضرورة الامتناع عنه، واعتبرته إساءة لأمانة جعلها الله عند الإنسان، وهو أفحش الظلم، فالظلم يصدر من صاحب هذه النفس ممن يفترض به أن يكون أميناً وحريصاً عليها، يحميها من أعدائها ويدافع عنها ويمنع عنها الإساءات ويرفع من مستواها ليبلغ بها أعلى درجات الدنيا والآخرة، فإذا هو يسيء إليها ويتهددها ويسقط من شأنها وموقعها الذي عظمه الله”، واضاف الطائي”والظلم للنفس من منطق القرآن الكريم، لا تقف آثاره عند إساءة الإنسان لنفسه، بل هو يترك آثاره السلبية على المجتمع، لكون الإنسان جزءاً من المجتمع وما يتهدده ويؤثر فيه سيترك أثره في سلامة المجتمع وقوته وفي الحياة، فالحياة تعاني من نتاج الذين ظلموا أنفسهم بعدم تربيتها وتزكيتها وتوجيهها ورعايتها لتحقيق هدف وجودها في إعلان العبودية لله وإقامة العدل بحيث تركوها لغرائزها وشهواتها وللعبة المصالح فأصبحوا عبئاً على الحياة فالظلم الموجود في الحياة، وما يحدث من فساد في البرّ والبحر، هو نتيجة ظلم الناس لأنفسهم، كما وأشار القرآن الكريم إلى أنه يدخل في عداد هؤلاء الظالمين لأنفسهم أولئك الذين تخلوا عن مسؤولياتهم الرسالية ورضوا بالواقع الظالم والمنحرف من دون أن يبحثوا عن خيارات أخرى للخلاص منه، بحيث أعطى وجودهم شرعية له وقوة”وختم الخطبة بقوله “والأرض الواسعة هنا، لا يقتصر مصداقها على الهجرة فحسب، بل إن السعة عنها تشير إلى تنوّع الوسائل التي يوفرها الله لعباده لكي يزكوا أنفسهم من خلالها فمن هذا العنوان يتبين مفهوم ظلم النفس بسعته، فالإنسان يظلم نفسه إن هو أهمل تهيئة نفسه علمياً وعملياً وركن بالقليل، بينما سبل التعلم والإعداد متاحة إن بحث الإنسان إليها والإنسان يظلم نفسه إن سلبها هويتها وسلّمها الى الجماعة أينما توجّهوا وحلّوا، فهو معهم، بينما أن الله أنعم عليها بالعقل لكي تختار من خلال العلم والفكر خياراتها وتعبّر عنها بكل حرية، ومنحها إرادةً وعزماً، والإنسان يظلم نفسه أي ظلم إن لم يعش هاجس التطوير الدائم وإن كبح طموحه وقنع بالسائد بينما تفيض الحياة بكل الوسائل التي تطور حياته وإنسانيته، إن سعى ألإنسان وأخلص النية ومن ظلم الإنسان لنفسه أيضاً، أن يذلّها، بحيث يقدم على مواقف تمتهن فيها كرامته، وتعرض عزة نفسه للانتهاك، ولكن من المفيد الإشارة أن الإنسان أيضا يظلم نفسه إن منعها حاجاتها المباحة كما إن الطريق لإزالة هذه الآفة من أنفسنا هو أن نعترف بظلمنا لأنفسنا.. فنحن غالباً ما لا نعترف، ونضع المسؤولية في ذلك على الشيطان أو على الأجواء والظروف التي أرغمتنا على ذلك”.