المركز الإعلامي/إعلام الحيانية
أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد الإمامِ صاحب الزمان (عليه السلام) بإمامة الشيخ محمد الطائي (دام عزه) وذلك في يوم الجمعة 17 / 8 / 2018 م الموافق الخامس من شهر ذي الحجة الجاري من عام 1439 هـ ، وقد تحدث الطائي في الخطبة الاولى حول ذكرى شهادة خامس أئمة أهل البيت ( سلام الله عليهم ) وهو الإمام الباقر ( عليه السلام ) مبيناً “ستمر علينا بعد يومين ذكرى شهادة خامس أئمة أهل البيت ( سلام الله عليهم ) وهو الإمام الباقر (عليه السلام ) ونحن نقف على اعتاب هذه الذكرى الحزينة على قلوب شيعة أهل البيت (عليهم السلام ) لابد لنا من أن نأخذ العظة والعبرة من سيرته العطرة الطاهرة ، حيث نشأ الامام الباقر في رعاية ابيه زين العابدين عليهما السلام واخذ منه علمه وحلمه وعبادته وتولى الامامة بعده في عمر اربعين سنة، وقد استفاد الإمام الباقر(عليه السلام) من هامش حرية التحرك الناتج من ظروف سياسية واكبت مرحلة إمامته، حيث انشغل الحكم الأموي بالصراعات الداخلية فيما انشغل الإمام بالعمل على حفظ أصالة رسالة الإسلام” واضاف الخطيب “ومن تجربة الامام الباقر مواجهته وتصديه لجماعة تسمى بالمفوضة كانت تقول: إن الله سبحانه خلق العباد ولكنه تركهم بعد ذلك لشأنهم وفوّض أمر أفعالهم إلى إرادتهم نافين أي أثر لمشيئة الله أو إرادته، وهذه الفكرة هي ردّة فعل على منطق معاكس كان سائدا هو منطق الجبريين الذي كان يشدد على أن الله يُجبر العباد على أفعالهم..الإمام الباقر حارب التوجّهين: الجبر والتفويض وركز بذلك القاعدة الصحيحة: “لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين”..وهذا يعني ان الإنسان ليس مجبراً في أفعاله فهو يملك حرية الاختيار التي أشار إليها الله عندما قال: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}. ومن جهة أخرى الأمر ليس متروكاً له، فالله يتدخل في الحياة عندما تقتضي مصلحة العباد ذلك فهو يسدد ويؤيد ويعز وينصر وكما قال يمحو ويثبت وعنده ام الكتاب وهو القائل {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} نعم هو أعطى للإنسان الإرادة وحرية الاختيار، ولكن هذا لا يعني أنه لا يتدخل حيث يرى مصلحة للإنسان وللحياة،وهناك توجهاً آخر رفضه الإمام هو الإرجاء والفكرة تعني فصل الإيمان عن العمل.. أي أن الإيمان وحده كافٍ لدخول الجنة مهما عمل الإنسان، وارتكب من الجرائم والمعاصي كما يقول بعض الكسالى عن العبادات والاعمال : الإيمان بالقلب،هذا المنهج الفكري إذا أضفناه إلى الانحراف العقيدي فإنه وصفة ناجحة لنشر الفساد والانحلال الخلقي واشاعة الفواحش، فما المانع حسب هذا الرأي أن يكون الإنسان مؤمناً وهو كاذب أو سارق أو خائن أو ظالم أو طاغية وقد بين الإمام الباقر أن هذا المنطق لا أساس له في الدين، ويخالف القرآن الكريم فالإيمان والعمل الصالح لا ينفصل أحدهما عن الآخر وغالباً ما نجد لفظ الإيمان او مشتاقاته في القرآن مقترناً بلفظ العمل الصالح”، وختم الخطبة الاولى بقوله “أيها الأحبة في ذكرى شهادة الإمام الباقر لا بد لنا من إعادة الاعتبار للعلم واليقين، والتثبت في حياتنا، ولا بدّ من تمحيص الأفكار قبل الأخذ بها.. فالأفكار باتت تطرح في الأسواق كالسلع. ونحن نعيش في فوضى تسويق وفوضى العقائد وفوضى الأحاديث والسلامة في أن نكون الأمة الواعية التي لا يلتبس عندها الحق من الباطل، كما التبس على الكثيرين ممن أضاعوا البوصلة في عقائدهم ومفاهيمهم وبالتالي في سلوكهم ومواقفهم”.
وفي الخطبة الثانية تحدث الطائي حول بيت الله الحرام موضحاًً”ما زاد من قيمة هذا البيت أن جعل الله بعض مواقعه ساحة لاستدرار الرحمة الإلهية كالحجر الأسود ومقام إبراهيم والحطيم تحت مزراب الرحمة حيث تتحطم الذنوب، وتميزت الفريضة فيه أنها جامعة الفرائض فريضة الحج تجمع الصلاة والصوم والدعاء والذكر وبذل المال والتضحية وقد فرضها الله على كل مستطيع ولقد تميزت هذه العبادة بسعة معانيها وآفاقها فهي عبادة تربطك بالتاريخ حيث تعيش فيه آفاق الرسالات السماوية فتستحضر منها في ذاكرتك آفاق النبي إبراهيم(عليه السلام) ومنطلقاته وتطلعاته،عندما كان يرفع قواعد البيت،ويستحضر في رحاب هذه الأرض الطاهرة مكة والمدينة تاريخ رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) في كل الأمكنة والمحطات التي عاشها والحروب التي خاضها، لنأخذ من ذلك زاداً في الروح والقوة والعزة.. وفيه تؤكد عبوديتك لله وحده.عندما تعلن الولاء له لا لسواه..وتقول لبيك اللهم لبيك… لبيك لا شريك لك لبيك…وأنت تلبس ثياباً لا تستسيغها وتصوم عن الشهوات وعندما تطوف حوله تؤكد أنك لن تطوف حول غيره ولن تسعى إلا اليه… وأنك ستقف حيث يريدك أن تقف، وتبيت حيث يريدك أن تبيت حتى لو كان على حسابك.. وأنك ستضحي من أجله ولن تهادن شيطان نفسك ولا شياطين الإنس من حولك” وتابع “ومن مظاهر العبادة في هذا الموقع، أنها ملتقى المسلمين ومكان اجتماعهم الأعظم، يتعارفون فيه ويتواصلون ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً ويتبادلون الرأي حول قضاياهم العامة.. لكن تبقى الفائدة الأهم والتي يلتقي عليها المسلمون هي في استثمار هذا المشهد المهيب حين ترى المسلمون يطوفون معاً ويسعون معاً ويقفون معاً ويرجمون الشيطان معاً.. حيث تتجلى في ذلك قوتهم وعزتهم ووحدتهم والتي أن أحسنوا استثمارها ليعززوا بها مواقعهم ويتعاونوا لأجل نشر قيم الخير والعدالة فأنهم سوف يكونوا في مواقع العز التي يريدها الله سبحانه وتعالى للمسلمين ولعل أهم وظائف الحج، هذا التواصل والترابط بين المسلمين بحيث يظهرون الصورة التي أرادها الله لهم عندما جعلهم أخوة”.