أقيمت صلاة الجمعة المباركة في جامع الإمام الباقر (عليه السلام) وسط محافظة البصرة الفيحاء اليوم السابع عشر من شهر آذار لسنة 2017 م الموافق الثامن عشر من شهر جمادى الآخرة لسنة 1438هــ بإمامة السيد عباس الحسني (دام عزه) حيث تكلم في الخطبة الأولى عن أهمية نصرة المؤمن وقضاء حاجته بقوله
“للتناصرِ أهميةٌ عظمى في حياةِ الأمةِ، وبدونهِ يُصبحُ المجتمعُ الإسلامي مكشوفًا أمامَ أعدائِه مُعَرَّضًا للهزيمة وعلى العكسِ من ذلك؛ فإن التزامَ أبناءِ المجتمعِ بنصرِ اللهِ من ناحيةٍ ونصرةِ بعضِهم البعضِ من ناحيةٍ أخرى يؤدي حتمًا إلى فوزِ المسلمين بكلِ خير، وظهورِهم على عدوهمِ تحقيقًا لوعدِ اللهِ عز وجل: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) وأما نصرُ المسلمِ لأخيه المسلم فيكونُ بتقديمِ العونِ له متى احتاجَ إليه، ودفعُ الظلمِ عنه إن كانَ مظلومًا، وردعُهُ عن الظلمِ إن كان ظالمًا تحقيقًا لقولِ الرسولِ صلى اللهُ عليه واله وسلم: “انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا” فقال رجل: يا رسولَ اللهِ! أنصرْهُ إن كانَ مظلومًا، أرأيت إن كان ظالمًا كيف أنصرُه؟ قال: “تحجزُهُ أو تمنعُهُ من الظلم، فإن ذلك نصرُه”.
وأضاف سماحته ” ولان الظلمَ والعدوانَ على حقوقِ العبادِ لا يحدثُ في فراغٍ وانما يحدث امامَ أعين الناسِ فهناك مسؤوليةٌ ملقاة على عاتقِ الجماعةِ الإنسانية في ادانةِ العدوانِ ومواساةِ المظلومِ والتخفيفِ عنه في محنتِه.. انه الدور الذي يتعينُ على الجماعةِ الإنسانيةِ وعلى الامةِ القيامُ به… وان التكفير والإرهاب اليوم هو امتداد لذلك الزمان سفكوا دماء المسلمين واستنزفت مقدرات الامة..”
وتطرق سماحته في الخطبة الثانية حولَ بعض النقاطِ المهمةِ التي ذكرَها سماحةُ السيدِ الصرخي الحسني (دامَ ظلُه) في بحث وقفاتٍ مع توحيدِ التيمية الجسمي الاسطوري قائلاً:” قد تحدثنا في الخطبة السابقة عن تخلي صلاحِ الدين عن التحريرِ المقدّس والغدرِ بالزنكي وخذلانهِ وتعجيزهِ عن فتحِ وتحريرِ البلدان وعمّا اضطرَ الزنكي للتحركِ لمصر أولاً وتحريرها من صلاحِ الدين للاستفادةِ من رجالِها وأموالِها في تحرير بلادِ الإسلام ومقدساتِهم، وقلنا ايضا بأَنّ صلاحَ الدين لم ينشغلْ بقتالِ الروافض أصلًا ولم ينشغل بقتالِ الشيعةِ والفاطميين أصلًا، وأَنّ الأمورَ اتت له جاهزة، وأنَّهُ انشغلَ بقتال أهلِ السنة، وبقتال المدنِ الإسلاميّةِ والملوكِ الإسلاميين، مع باقي السلاطين المسلمين وذكرنا بأنَّ صلاحَ الدين تحالفَ مع الفرنج لحمايةِ نفسهِ من أخيهِ المسلم أو للهجومِ على أخيهِ المسلم.”
ونوه سماحته الى ملحوظة تأريخية مفادها:
“تميّزَ الحكم الفاطمي بالعلم والعلماء واستقدام وإغراء العلماء للمجيء ومن كلّ المذاهب والطوائف من فلاسفة وأطباء وحُكماء وأهلِ فلك وغيرِهم. ولكن الذي حصلَ كان جلدُ الكتابِ يُخلع وتُصنع منه النعلُ أو تغطّى به!!! وتُرمى تلك الكتب النفسية أو تُباع بالأسواق دون أن يعلم المشتري ما قيمة هذه الكتب ونفاستها، وكان في مكتبة الجامعة الأزهرية أكثرُ من مليون ونصف مليون كتاب فكلُّ هذا انتهى واُعدمَ وقُضي عليه، فما أُتلفَ مِن كتبٍ مِن المكتبة الفاطميّة المصرية الأزهرية أكثر ممّا حُرق وأُتلف من كتب على يدِ هولاكو في بغداد، أو يوازيه على أقلّ تقدير!!! فقد سُحقَ العلمُ سحقا، وهذه الكتب النفيسة قد أتلفها صلاحُ الدين وكما نقله لنا ابنُ الأثير الزنكي الشافعي الذي عاش الأحداث.”
وأشار سماحته الى كلام سماحة السيد الصرخي الحسني (دام ظله المبارك)” بكل أسفٍ وألمٍ أقولُ:
إنّ هذا هو واقعُ البلاد الإسلامية وواقعُ الخلفاء والسلاطين والأمراءِ والشبابِ والمجتمعِ الإسلامي، فهل يليقُ بالإسلام أن يقترنَ بأسماء هؤلاء وحكوماتِهم ودولِهم؟! فهل هذه هي السُنّةُ النبوية الشريفة وسنةُ وحكومةُ الخلفاء أبي بكرٍ وعُمر؟!! ليس بغريب أن يصلَ حالُ الأمةِ إلى ما وصلت إليه؛ لأنّه جزاءٌ محتوم لأمّةٍ رفضت وجحدت بكل إصرار وعناد، رفضت وجحدت بالإمامة الإلهية المجعولة بالحكمة والإرادة الإلهية واللطفِ الرباني في خُلقِ وتهذيب وتربية أئمة طَهّرَهُم اللهُ تعالى تطهيرا، قال تعالى{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} هذا كلُّه جعلُ وتمهيد وتهذيب وتربية وإشارة وتوجيه للإمامةِ ونصيحةُ للبشر وللمسلمين بالإمامةِ الحقةِ وبالإمامة الصالحة العادلة الإلهيةِ الرسالية، لكنَّ الناسَ تركت ورفضت وابتعدت، فماذا نتوقع؟ في مثلِ الوقتِ الحالي وهذا الزمان، فنقولُ: لماذا يتسلطُ هذا الفاسدُ أو ذاك الفاسد؟ ألا يوجد غير هؤلاء؟!!