عن المركز الإعلامي/ إعلام أم قصر
ألقى سماحة الشيخ حسين البهادلي “وفقه الله” خطبتا صلاة الجمعة المباركة اليوم السابع من رجب الأصب لعام 1440 هجرية الموافق 15 من آذار لعام 2019 للميلاد من مسجد فارس الحجاز (عليه السلام)، حيث أكد ان الأعمار تمضي بنا على غفلة منا، فما أسرع الساعات في اليوم وأسرع الأيام في الشهر وأسرع الشهور في السنة وأسرع السنين في العمر.. والعمر مسؤولية وسيحاسب الإنسان عليها ويسأل عنها بين يدي الله.. فلا يجوز أن تقضى لهواً وعبثاً أو فيما لا طعم له ولا لون ولا رائحة، فالإنسان عليه أن يكون ضنينا بكل دقيقة من عمره ان تذهب هدراً ونحن أمام العمر وفي التعامل معه على نوعين، فهناك من يعمر السنين الطوال ولكنه في أخر سنيه السبعين أو الثمانين ينظر إلى ما جناه من كل هذه السنين الطوال…. فلا يجد إلا القليل المتبعثر فهو لم يترك أثراً في حياته أو حياة الآخرين، ولات حين مندم ونحن في شهر رجب المعظم سنلتقي يوم العاشر منه بذكرى ولادة أحد أولئك الذين لم يعمروا طويلاً…
ولكن رغم قصر عمره كان من تلك البيوت الذي أذن الله أن ترتفع.. فقد ارتفع ذكره في حياته ولا زال يذكر بعد ارتحاله وهو الإمام الجواد(ع)، وقد حظي هذا الإمام برعاية أبيه الرضا(ع).. فقد كان ولده الوحيد والذي سيتحمل أعباء المسؤولية من بعده.. وتميز هذا الإمام بالجود ومن كثرة جوده لقب به وأصبح عنواناً لصيقاً به.. ونحن عندما نتحدث عن صفة لدى إمام من أئمة أهل البيت(ع) لا نريد في ذلك أخذ العلم أو تبيان مآثره بل بالاقتداء به وأخذ هذه الصفة، وبذلك نكون فعلاً ممن يتولونه والمحبين له.. والمقصود بالجواد حتى نفهم مدلولها هو أن يبذل الإنسان ماله حال اليسر والعسر ولا ينتظر منه مقابل وأن يرى أن الذي بلغه من شكر الذي أسدى إليه أو من عطاء الله أكثر مما أعطاه، وهذه القيمة قيمة العطاء والجود كما تمثلت بسيرته كانت وصيته الدائمة لأصحابه.. وقد تسلم الإمام الجواد(ع) زمام الإمامة بعد وفاة أبيه وكان آنذاك في حداثة سنه حيث لم يبلغ آنذاك من العمر سوى عشر سنوات.. وهذا الأمر من الطبيعي أن يطرح تساؤلاً ويثير علامة استفهام حول كيفية تولي هذا المنصب الخطير لمن هو بهذا السن.. وقد استفاد منه المشككون بمبدأ الإمامة ووجدوا فيه فرصة للنيل من موقع الإمامة، وهذا وإن كان من الممكن الإجابة عنه بمثيلات له في التاريخ وكذلك تولي النبي سليمان الحكم بعد أبيه وكان بمثل سن الإمام الجواد(ع).. فقد جاء تميزه في الموقع العلمي ليرد على هذه التساؤلات.
وقد تفرد الإمام(ع) على المستوى العلمي في عصره في كل ميادين العقيدة والفقه والتفسير والحديث ومختلف ألوان الثقافة الدينية على كل الذين عاشوا معه، ايها المؤمنون ايتها المؤمنات ان الكِبَر أو التَّكَبُّر أو التَّغَطْرُس أو التَّعَاظُم هو أثر من آثار العجب والافتراء من قلب قد امتلأ بالجهل. وزمن معانيه الترفع والخيلاء.. وأما رأي علماء النفس في التكير: فالمتكبر إنسان يشعر بالنقص فيريد أن يكمل نقصه بالتكبر ليجد من ينظر إليه ومن يتحدث معه فهو تعويض لنقص ما عند الشخص. بعد ماتقدم من معرفة التكبر اصبح على الانسان لزاماً التخلص من هذه الصفة او العادة السيئة وذلك بترويض النفس على الافعال الانسانية من مخالطة الناس واجبارالنفس على التخلص من الشعور من انك ترى نفسك افضل منهم هذا من جانب وأما من جانب آخر. التقرب الى الله تعالى هو الحل الامثل لمعالجة التكبر وذلك بالإلتزام بالعبادات وأهمها وروحها الصلاة لان فيها التذلل لله سبحانه وتعالى وخاصة صلاة الجماعه لان فيها المساوات بين كافة الطبقات المجتمعية و مشاركتهم التذلل لله تعالى. وهذا ما أكده الاستاذ المحقق السيد الصرخي (دام ظله) في بحثه الموسوم (معراج المؤمن). وهذا مقتيس منه: ” أفعال الصلاة تمثل أحد الأساليب العملية المناسبة لمعالجة العجب والتكبر عند الإنسان، كما في وقوفه ذليلًا صغيرًا أمام الله -تعالى- وعندما يركع ويسجد لله على نحو الذُّل والعبودية، وكما في التحاق المصلي بصلاة الجماعة فيكون في صفوف المصلين من هو أقل منه مالًا وولدًا وحسبًا ونسبًا. “