بـيـان رقم (11): ((محرم الدم والشهادة ومسيرة الاِصلاح))
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين، وعلى الشهداء في يوم عاشوراء الحسين، وعلى زوار الحسين، وعلى اتباع الحسين، وعلى المظلومين والمستضعفين الذين خرج من أجلهم الحسين ورحمة الله وبركاته .
نعزي الأئمة من آل البيت الاطهار وولدهم المهدي وجدهم النبي محمد (صلوات الله وسلامه عليهما وعلى آلهما) بالمصاب العظيم المؤلم الفجيع في يوم عاشوراء حيث:
المجزرة الوحشية الهمجية المروّعة في طف كربلاء التي وقعت على الأرواح القدّيسة والأجساد الطاهرة الشريفة لسبط النبي المصطفى وسيد شباب اهل الجنة الحسين الشهيد (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين) وأولاده وأصحابه الغرّ المنتجبين.
والمجازر البغيضة القبيحة التي يتعرض لها المستضعفون المطيعون الصادقون في اتِّباع الأوامر الإلهية المقدّسة والأحكام والإرشادات النبوية المطهرة المشرفة التي تلزمنا المودة بذوي قربى النبي المصطفى (صلى الله عليه و آله و سلم).
وأقربها ما حصل هذا اليوم يوم عاشوراء في كربلاء المقدسة والكاظمية المطهرة وفي كويتا الباكستانية، حيث زهقت أرواح المئات من أرواح المؤمنين، وجرحت وقطعت وشتتّت الآف الأجساد الطاهرة البريئة، على أيدي أحفاد أولئك الخوارج المارقين السافكين لدماء الأبرياء من الأصحاب المنتجبين وأهل البيت المطهرين والمؤمنين والمسلمين المستضعفين.
وبهذه المناسبة فإننا وبإسم الحوزة العلمية في كربلاء المقدّسة والنجف الأشرف وبإسم الشعب العراقي الأبيّ وبإسم الشعوب الإسلامية المستضعفة وبإسم الإنسانية جمعاء نشجب ونستنكر هذه الجريمة النكراء والعمل الهمجي البربري البغيض وجهل مرتكبيها وظلامهم وضلالهم وكفرهم وإلحادِهم.
ـ في نفس الوقت وبالدرجة الأولى والرئيسة نحمّل قوات الاحتلال الكافرة مسؤولية ما حصل طبقاً للقانون الدولي وللشواهد والدلائل والمواقف والإجراءات الصادرة من قوات الاحتلال المشيرة جميعاً إلى مسؤوليتهم المباشرة وغير المباشرة عن تلك المجزرة المروّعة، وبغض النظر عن الوسائل المتبعة والجهة المستَخدَمة للتنفيذ.
ـ وما ذكرنا سابقاً لا يلغي المسؤوليات المباشرة وغير المباشرة لجهات أخرى نذكر بعضها وبعض الأمور التي لها علاقة بمورد الكلام:
الجهة الأولى: قوات الاحتلال
ـ قوات الاحتلال الفاشل تتحمل المسؤولية عن تلك الجريمة وكل الجرائم المادية والمعنوية التي حصلت:
1- القانون الدولي يلزمها توفير الأمن والأمان للبلد المحتل وشعبه وبخلافه تتحمل كل التبعات القانونية.
2- القانون الإنساني والضمير الحي يحملهم المسؤولية.
3- إقرار المسؤولين الأميركيين وفي مناسبات عديدة عندما يتحدثون عن إنجازاتهم لشعوبهم الأميركية، فمن الإنجازات يذكرون أنهم أبعدوا شبح الحرب وخطر الإرهاب عن أميركا وشعوبها ونقلوها إلى العراق فجعلوا العراق ساحة الحرب وموضع الإرهاب وتصفية الحساب.
4- نحن وبإسم الحوزة العلمية وبإسم الشعب العراقي طلبنا وفي مناسبات عديدة إنسحاب المحتلين وخروجهم من أرض العراق وأرض المقدسات وترك العراقيين يحفظون أمنهم بأنفسهم وإدارة شؤونهم وتوجيهها وتوظيفها، وكذلك طلبت جهات عديدة هذا الشيء من قوات الاحتلال ولكن المحتلين رفضوا كل تلك الطلبات.
5- فيما يخص أميركا وبريطانيا والدول الأوربية وكل الدول التي ترتبط مع أميركا فإن المعلومات الاستخباراتية الاميركية تكون دقيقة ومحددة بخصوص العمليات الإرهابية وأسماء المنفذين المحتملين ووسائل التنفيذ ووقت العمليات، وبناءاً على تلك المعلومات تتخذ الإجراءات المناسبة فتمنع حصول تلك العمليات في بلدانهم، هكذا يقولون وينشرون ويفعلون، إذن أين المعلومات الاستخباراتية بخصوص العراق وشعبه الذي تعرض ويتعرض لأبشع الجرائم في تأريخ الإنسانية.
الجهة الثانية: الرموز الدينية
ـ نشجب ونستنكر مواقف الرموز الدينية وغيرها، ونحمّلها مسؤولية ما حصل من مجازر في عاشوراء، لأن تلك الرموز أعطت الغطاء الشرعي والقانوني والاجتماعي للاحتلال، وأعطت الثقة للمحتلين وألزمت الشعب العراقي بالتعاون مع قوات الاحتلال والتصديق بها وامتثال ما يصدر منها من أوامر وتوجيهات، بل تلك الرموز صارت تطلب من قوات الاحتلال الكافر التسلط على رقاب المؤمنين وعلى سبيل المثال لا الحصر أذكر لكم هذه الواقعة:
عندما حصل الاعتداء الأميركي الغاشم البغيض على الحوزة العلمية في كربلاء المقدسة في ليلة الجمعة (20/ شعبان /1424) والذي استشهد فيه العديد من مشايخ الحوزة العلمية وطلابها منهم (الشيخ أسعد العبادي والشيخ عبد الإله الكعبي وحيدر الوزير وعبد المجيد الجناحي وستار العفلوكي وسعد العيفاري) فإن أكبر تلك الرموز الدينية يُصدر بياناً بخصوص ذلك الاعتداء، (والعجب كل العجب) إنه يطلب فيه من قوات الائتلاف (ولم يذكر في بيانه قوات الاحتلال) سحب السلاح من الناس المؤمنين المدافعين عن مقدساتهم ومبادئهم وأعراضهم، هذا هو المضمون الكلي لبيانه ولم يتعرض لشيء آخر،
فإذا ثبت عند الجميع إنّ قوات الاحتلال غير قادرة على حماية نفسها وبالتأكيد غير قادرة على حماية الناس في هذا الوقت الذي تدعي فيه أنها حققت إنجازات وانتصارات على الإرهاب وقضت أو قلَّلت جداً من تأثيره، فهي بالاَوْلى (وبالتأكيد) غير قادرة على حماية نفسها والآخرين قبل ما يقارب الستة أشهر، فكيف سمح ذلك العالِم المرجِع الأعلى وماذا سيكون موقفة وجوابه أمام الله تعالى والتاريخ والناس أجمعين عندما يُسأل عن سبب تسليطه الكافرين على رقاب المسلمين وتجريدهم من سلاحهم وتسليطهم على أموالهم وأعراضهم وأرواحهم، فأوقع الناس في التغرير فامتثلت لما صدر ووثقت بالمحتلين حتى حصل ما حصل من مجازر.
الجهة الثالثة: اغتصاب الأموال
ـ نشجب ونستنكر مواقف وأفعال تلك المرجعية والجهات والرموز المرتبطة بها والمستفيدة منها والتي تسلطت واغتصبت حق الإمام وآبائه وجدهم الهادي الأمين (عليهم السلام) والذي يقدّر بمليارات الدنانير العراقية وغير العراقية الموجودة في المراقد المقدسة للمعصومين والصالحين (عليهم السلام)، وكذلك الأموال والمليارات التـي وجـدت وستوجـد، والتي استخدمت للمصالح الشخصية والأمور الدنيوية وتحقيق الواجهات وخدمة مصالح دول أخرى دون استخدامها وتوظيفها لخدمة وإعانة الشعب العراقي الجريح وبالخصوص تعميـر وتطويـر العتبات المقدّسة وما يرتبط بها من توفير وسائل الخدمة الاجتماعية والصحية والأمنية،
ـ فالواجب استغلال تلك المليارات بتوسيع المراقد المطهّرة وتوفير المساحات الواسعة المحيطة بالمراقد المقدسة وتوفير الملحقات الصحية في أماكن مختلفة، إضافة إلى توظيف الأعداد الكافية من العراقيين الوطنيين المخلصين من كل العراق لاِعمار وخدمة وحماية العتبات المقدّسة وخدمة زوارها وتوفير أفضل وأرقى وأدق الأجهزة والمعدات للحماية والكشف عن أجهزة ووسائل التخريب والتفجير، إضافة لذلك تشييد المستشفيات والمراكز الطبية وتوفير العلاج اللازم والكافي، واِذا كانت الدولة عاجزة عن ذلك فلتعلن عن عجزها حتى يتصدى أبناء الشعب لترشيح وانتخاب لجان عراقية نزيهة معروفة بالصدق والأمانة من ذوي الخبرة والاختصاص لتقوم بذلك بدل الدولة ومؤسساتها .
ـ وبسبب عدم اتخاذ هذه الإجراءات وقعت تلك المجزرة، وبسبب فقدان الخدمات الصحية ازداد عدد الشهداء وعظُم الألم والجراح والصدمة عند الآخرين، ولهذا نحمل تلك الجهات والرموز الدينية والاجتماعية ومراجعها مسؤولية ما حصل .
الجهة الرابعة: البعثيون
ـ قانون اجتثاث البعث يستغل بأخس وأبشع استغلال حيث المكاسب السياسية والانتقام السياسي وتنفيذ مطالب ومطامع دول ومنظمات خارجية فتضرر به الكثير من الأبرياء وروّعت وهجرت عوائل وقطعت أرزاقها تطبيقاً لقانون الاجتثاث فيما بقي الكثير من البعثيين المتملقين الخونة في مناصبهم بل في مناصب أرقى لأنهم خانوا العراق وساروا في ركاب المحتلين وعملائهم، ومن هنا فإننا نشجب ونستنكر مواقف كل من عمل أو رضي أو سكت على إبقاء العديد من البعثيين المسلكيين المنتفعين غير الوطنيين في مناصبهم، أو تشغيل العديد منهم في مناصب مهمة وحساسة، ونحمّل الكل مسؤولية ما حصل من مجازر خاصة الذين سعوا في توظيف وتشغيل أحد المسلكيين المنتفعين المجرمين والذين رضوا وسكتوا على ذلك العمل (على سبيل المثال لا الحصر) من تعيين ذلك المنتفع المنافق في أرفع منصب أمني في مدينة كربلاء المقدسة.
وكذلك نحمّل مسؤولية ما حصل من مجازر في عاشوراء، كلَّ من سكت على إبقاء العديد من الرموز وبالخصوص الرموز الدينية التي كانت تعمل لحساب النظام السابق بعنوان (وكيل أمن) وصاروا الآن وكلاء للمحتلين ومرتزقتهم، ومثل هؤلاء الوكلاء الأمنيين من السهولة الضغط عليهم من قبل منافقي ومجرمي العمالة وأسيادهم من دول متدَخّلة في شأن العراق ومحتلين لامتلاكهم الوثائق والمستندات (الأضابير) الخاصة بكل وكيل وهي تصلح للضغط لتحقيق ما يراد من مخططات إجـرامية، وبعض الرموز البارزة (على سبيل المثال لا الحصر) في محافظة كربلاء ينطبق عليها هذا المعنى حيث كان وكيل أمن سابق وإذا به يصير فجاة وكيل المرجع، وقد اشترك هذا وذاك من مدينة كربلاء المقدسة في إطلاق سراح شبكة إرهابية تتألف من جنسيات متعددة، عندما كانت في قبضة مجموعة من المؤمنين، حيث وجدوا بعض الوثائق والرسائل التي تدل على ارتباط وكيل المرجع الديني بقيادتهم ورموزهم.
الجهة الخامسة: المواقف الدنيوية
ـ نشجب ونستنكر المواقف الدنيوية النفعية للعديد من الرموز والعناوين الدينية والاجتماعية، التي تتفاعل مع الأحداث بالمقدار الذي يخدم مصالحها الدنيوية الخاصة، فقد سكتوا وأصابهم العمى والصمم والخرس على جميع الجرائم السابقة ومنها الصادرة من قوات الاحتلال الكافر بحق العتبات المقدسة في النجف وكربلاء وسامراء، وانتهاك الحرمات مـن الأمـوال والأنفس والأعراض، والاعتداء بالسجن والاعتقال والتغييب والقتل للأطفال والنساء والشيوخ والرجال من مختلف محافظات العراق
وهنا نستنكر مواقفهم وهم يسكتون عن الجرائم الوحشية الممقوته الصادرة من المحتلين ما دامت تلك الجرائم قد عُتِّم عليها ولم تتناولها وسائل الاعلام، بينما نراهم ونسمعهم يسجلون بعض المواقف للاستهلاك الدعائي والإعلامي عندما تتناول وسائل الإعلام تلك الجرائم وتعلن عنها، ومنها هذه الجريمة البشعة التي حصلت في يوم عاشوراء، فلولا الحضور الجماهيري المليوني ومشاهدتهم المجزرة ولولا الحضور الإعلامي العالمي الواسع في مواقع الأحداث لما صدر أي شيء من تلك الرموز، ويشهد لانتهازيتهم واستكبارهم وعدم اهتمامهم لأمور المسلمين أن المواقف والبيانات الصادرة من العديد منهم لم تتناول مجزرة عاشوراء في كويتا الباكستانية حيث أن تلك المجزرة الباكستانية لم تشغل الحيز الإعلامي المناسب لتحريكهم.
الجهة السادسة: ارتباط المواقف
نستنكر ونشجب مواقف العديد من الرموز الدينية والإجتماعية التي إرتبطت في مواقفها بصورة مباشرة مع قوات الإحتلال وإعلامها فقوات الإحتلال التي كانت قد أمّـلت الشعب العراقي قبل الحرب بالحياة السعيدة الحرة الديمقراطية المريحة الأمينة وغيرها من الوعود لكن بعد سقوط وإنهزام النظام السابق، لم يحصل شيء من الوعود الأميركية البريطانية الغازية، فسوء الأحوال الإجتماعية والصحية والأمنية وغيرها تنسبها إلى صدام ونظامه، وبعد إلقاء القبض على رئيس النظام السابق حكى الأميركان عن انتهاء تلك المساوئ وابتداء مرحلة جديدة فتحَدَّث بأمرِهِم ومثلهُم مَن ارتبط مع المحتلين،
ومع مرور الوقت لم يحصل شيء فنسب الأميركان وبالتأكيد من ارتبط معهم نسبوا تلك المعاناة الجماهيرية إلى ركن النظام عزّت الدوري…
وهكذا استمر التبرير والتخدير والخداع إلى أن وصل الحديث عن الزرقاوي، ولا نعلم إلى أين سيصل بعد ذلك وما بعد.
وهكذا وفي كل ذلك نرى الإرتباط بين مواقف المحتلين وإعلامهم وبين مواقف تلك الرموز وما يصدر عنها،
ـ المجزرة المروّعة في يوم عاشوراء تثير عدة أمور منها ما ذكرنا أعلاه وكذا غيره، ولهذا نرى ونسمع التصريحات والمواقف تتناسب مع تحقيق مزيج من الأمور والتوفيق بينهما، فمع وقوع المجزرة كانت ردود الفعل الفِطْرية الأولية للجماهير ضد قوات الإحتلال كما شهد وسمع الجميع ولم يسجل أي حادث يسيء إلى وحدة الشعب العراقي، ومع هذا نرى ونسمع أن تلك الشخصيات والعمائم العميلة قد أثارت قضية الوحدة الوطنية ووحدة الشعب العراقي وعدم إثارة الحرب الطائفية، وبهذا إستطاعوا إمتصاص نقمة الجماهير ورفضهم للإحتلال وتحميلهم مسؤولية المجزرة، فإذا كانت قوات الاحتلال تتحمل مسؤولية ما حصل (حسب ما أصدرتم من بيانات ومواقف) فلماذا تثيرون قضية الوحدة الوطنية والمطالبة بالهدوء والخنوع خوفاً على الوحدة الوطنية علماً أن الجماهير لم تتصرف أي تصرف يسيء إلى الوحدة الوطنية لا من قريب ولا من بعيد بل كان كل توجههم ونقمتهم على قوات الاحتلال ؟؟!!!
الجهة السابعة: الظالم والمظلوم
((اللهم اجعلني مظلوماً ولا تجعلني ظالماً))
أيها المسلم أيها السني أيها الشيعي الموالي للنبي (صلى الله عليه و آله و سلم) المطيع لأوامره في اتّباع أهل البيت (عليهم السلام) وموالاتهم، اجعل هذا المعنى الوارد عن المعصومين (عليهم السلام) عن جدّهم المصطفى (صلوات الله وسلامه عليه وعليهم) شعاراً ومنهجاً للتمسك بالمبادئ الإسلامية الإنسانية الرسالية الصحيحة الحقّة، ولنتعلَّم من أيّام عاشوراء الحسين كيف نجسّد هذا المعنى فنكون مظلومين بتمسكنا بالمبادئ السامية وعدم مهادنة المضلّين والكافرين أهل الدنيا وأتباع الهوى.
الجهة الثامنة: أهل السنة
((لا تقطعوا شجرة ولا تقتلوا طفلاً أو امرأة أو شيخاً ولا تُجْهِزُوا على جريح….))
ـ هذا المعنى وردَ عن الخليفة الأول أبي بكر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن غيره من الصحابة من كلمات ووصايا صدرت منهم.
يا أعزائي أبناء السنة كونوا واعين وحذرين ولا تجعلوا عقولكم وأبدانكم وأنفسكم رهينة بيد الجهال والمغرضين، أقرأوا تفقـّهوا تفكـّروا تحرروا من التعصب والأنا وانطلقوا إلى الرحمة والفيض والقدّس والتجلّي الإلهي، جسّدوا محبّة الله تعالى في محبّة عباده ومخلوقاته، تمسّكوا بما ورد عن النبي وآله وصحبهم (عليهم الصلاة والسلام) وتحلّوا بأخلاقِهم، وتخلّوا عن الأخلاق الرذيلة لأعدائهم، ونفس الكلام وبصورة مؤكدة ومشددة ومضاعفة يجري على الأعزاء أبناء الشيعة
الجهة التاسعة: العلماء السنة والشيعة
ـ يا علماء السنـّة والشيعة المسؤولية مضاعفة عليكم، فإنكم القادة والقدوة فتتحملون أمام الله تعالى ما يصدر عنكم من أقوال وأعمال وما يصدر عن الآخرين من سار على خطاكم وعمل بعملكم واتبع أحكامكم وإرشاداتكم لنلتفت جميعاً إلى عمق القضية وخطورتها، فالمؤامرة يحوكها ويقودها جهات ومنظمات إرهابية ومخابراتية وظـّـفـت لها كل الوسائل المادية والمعنوية ووجهت الإعلام العالمي لتأسيسها وتثبيتها وتنميتها وتعميقها، ومثل هذه الآفة والمعضلة تحتاج إلى أن نواجهها بحنكة وحكمة ومعالجة جذرية وواقعية فكرية وروحية وأخلاقية، بتأسيس المدارس وحلقات الدرس والمحاضرات بما يتيسر من إمكانات ونبدأ بتربية أنفسنا أولاً ثم الآخرين ولنفهم ونـُفهم الآخرين أن الله تعالى الرحمن الرحيم أرسل إلينا نبي الرحمة الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) لتهذيبنا وتحصيننا وتطهيرنا من النجاسات المادية والنجاسات المعنوية للقلب والروح والفكر والأخلاق، وأن ينقلنا من التعصب والجهل والذات والضلال إلى الانفتاح والتراحم والمودّة والمجادلة بالحسنى والعدل والصلاح، فلنتعلم ونـُعلّم الآخرين ونبين لهم إن الشرع والعقل والأخلاق يلزمنا ويرشدنا (مثلاً) إلى :
أن قول (لا إله إلا الله محمد رسول الله) يحقن الدماء .
وأن هناك فرقاً شاسعاً بين مقاومة المحتلين وبين قتل الأبرياء المستضعفين من النساء والأطفال والشيوخ والرجال .
وأن لا نقلـّد الآخرين وننقاد لهم انقيادا أعمى بدون دليل علمي شرعي أخلاقي، خاصة في الأمور العقائدية التي يجب أن نبحث عنها بأنفسنا ونتبع ونعتقد بما نتوصل إليه .
وأن نجرّد أفكارنا وقلوبنا وأخلاقنا عن الأفكار المنحرفة والاعتقادات الفاسدة الشيطانية الظلامية الضالة التي يقودها الجهل والعمى والتعصب البهيمي .
وأن نتعلم الأسلوب الإلهي القرآني والنهج المحمدي الإسلامي الرسالي في البحث والمجادلة بالحسنى .
وأن نتحلّى بأخلاق النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) وصحبه الكرام (رضي الله عنهم) ونكون قدوةً حسنةً ينظر إلينا الجميع نظرةَ إجلالٍ وإكبارٍ وتعظيمٍ وتشريفٍ فنكون من الداعين الصامتين للإسلام الرسالي القويم ونكون زيناً للإسلام وقادتِه ولا نكون شيناً عليهم .
وأن نلزم أنفسنا ونجهدها بالبحث عن الحق ومعرفته واتِّباعِه ومعرفة الباطل واجتنابِه وإنكارِه .
وأن نقيس بمقياس واحد مقياس الحق والعدل، فكما نستنكر (صدقا وعدلاً) ونشجب المجازر التي حصلت في يوم عاشوراء فإننا (بالأولوية القطعية) نستنكر ونشجب صدقا وعدلاً المجازر والمجازر والمجازر……. المروّعة المرعبة التي ارتكبها المجرمون بحق الأبرياء المستضعفين الذين قضوا في المقابر الجماعية، وكذلك المجازر والفظائع والفضائح والجرائم التي ارتكبها ويرتكبها المحتل الكافر وأعوانه.
الجهة العاشرة: أبناء الشعب العراقي
ـ يا أبناء الشعب العراقي الحرّ الأبيّ، السنة والشيـعـة، العرب والكُرد، رجال الدين والمكلفين، الرجال والنساء، وغيرهم.
الحذر كل الحذر من فتنة مرعبة مهلكة وحرب مدمرة وإرهاب شيطاني ممقوت وصراع دنيا ومصالح يشترك فيه دول عالمية كبرى وأجهزة مخابرات ومنظمات إرهابية مبرمجة ومسيرة، صرّح المحتلون الإرهابيون أنهم نقلوا ساحة الحرب والإرهاب إلى العراق، فالواجب علينا أن نكون واعين فلا نقحم أنفسنا ومن يثق بنا في هذه الفتنة والنار المحرقة فلا نكون طرفاً في هذه الحرب الإرهابية وتصفية الحسابات الشيطانية الباطلة فنخسر الدنيا والآخرة .
الجهة الحاديةَ عَشَرَةَ : وحدة الصف
ـ يجب على الجميع الالتزام بوحدة الصف بين المسلمين وأبناء الشعب العراقي الواحد وليكن شعارنا : {العراق أرض الأنبياء وشعب الأوصياء}
وما ذكرنا من أمور وتصوّرات وتشخيصات ودعوى للتفكّر والجِدال بالحسنى وغيرها من أمور فاِنّ كلّاً منها يأخذ مجراه الخاص به ويدخل في مرحلة تحقيق وتدقيق وغربلة وتشخيص من المختصين في ذلك المجال.
ولتحقيق الغرض وتماميته لا بد من مبدأ الثواب والعقاب، فالمقصر يُحاسَب وفق القانون العادل المستقل، أو يُجرّد من منصبه الوظيفي والاجتماعي، أو يُعرض عنه ولا يُقلَّد ولا يُتبع بعد بيان عدم صلاحيته.
وكل ذلك يجب أن تحكمه ضابطة وميزان ((اختلاف الرأي لا يفسد الودّ والوفاء والتكاتف والمحبة للعراق الحبيب وشعبه العزيز)).
الجهة الثانيةَ عَشَرةَ: الاستئناس بالموارد الشرعية
ـ لنستأنس ونأخذ العظة والعبرة ولنختَبـِرَ عقولَنا وأفكارَنا باستحضار بعض ما ورد عن النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعرفة الأقوام الذين نتوقع شمولهم بالروايات:
فعن النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله وصحبه و سلم): {يخرج خارجة من أمتي ليس صلواتكم إلى صلواتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، ولا قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، يقرؤون القرآن يرون أنه لهم، وهو عليهم لا يجاوز تراقيهم، يمرقــون مـن الإسلام كمـا يمـرق السهـم من الرمية…..} / مسند أبي يعلي الموصلي / السنن الكبرى – النسائي / كتاب السنة – عمرو بن أبي عاصم /.
وعنه (صلى الله عليه و آله و سلم): { يخرج ناس من قِبل المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما قطع قرن نشأ قرْن، ثم يخرج في بقيّتهم الدجال } مسند أبي داوود/ كنز العمال
وعنه (صلى الله عليه و آله و سلم): {سيجيئ أقوام في آخر الزمان، وجوههم وجوه الآدميين، وقلوبهم قلوب الشياطين، وأمثال الذئاب الضواري، ليس في قلوبهم شيء من الرحمة ، سفاكون للدماء، لا يرعون عن قبيح، إن بايعتهم واربوك (خادعوك)، وإن تواريت عنهم اغتابوك، وإن حدثوك كذبوك وإن ائتمنتهم خانوك، السنة فيهم بدعة ، والبدعة فيهم سنة ، فعند ذلك يسلط الله فيهم شرارهم…} المعجم الصغير / المعجم الأوسط / المعجم الكبير / الطبراني.
الختام
في الختام: ليس بغريب أن يسير الموالون من أهل العراق بالخصوص في طريق الشهداء على خط سيد الشهداء خصوصاً في يوم عاشوراء يوم التضحية والإباء، ففي كل عام وفي نفس هذه الأيام يـُعتقل ويُقتل الآلاف ممن يعظم شعائر الله التي هي من تقوى القلوب.
وفي الوقت الذي قدمنا ونقدم التعازي فإننا نهنئ الشهداء والزوار المؤمنين المضحين، على ما حققوه من نصر مادي ومعنوي للحسين والثورة والنهضة الحسينية والقفز بها إلى المستوى العالمي الإنساني وعلى كافة المستويات الإعلامية والسياسية والفكرية وغيرها.
وندعو أن تكون المسيرات الحسينية صرخة مدوية في وجه المعتدين المحتلين وإخراجهم من العراق وبلدان المسلمين، وندعو أن تكون المسيرات الحسينية تصب في تحقيق هدفها المنشود في الإصلاح في الأمة ومحاربة ومعاداة وطرد كل فاسد وفساد وعدم تسليطهم على خيرات ومقدرات البلاد والعباد.
والحمد لله ربِّ العالمين والعاقبة للمتقين
وصلِّ اللهم على محمد وآل محمد الطاهرين.
السيد الحسـني
10/ محرم الدم والشهادة / 1425هـ
2 / 3 / 2004م