المحاضرة السابعة ضمن سلسلة محاضرات ’تحليل موضوعي في العقائد والتأريخ الإسلامي‘، لسماحة السيد الأستاذ الصرخي الحسني (الخميس 4 جمادى الأولى 1435هـ، 6 آذار 2014).
– النهي عن السبّ خُلُق أهل البيت (عليهم السلام)
– مناقب موضوعة للمختار!
– زيد بن علي (زيد الشهيد)
– لغز سنة ولادة (زيد)!
– زيد الشهيد والموقف المذل في مجلس هشام بن عبد الملك وادّعاء الإمامة
– المقارنة بين المجتهد الساكت والمتكلم قضية سالبة بانتفاء موضوعها
– القتل على الهوية لا يرتبط بمنهج أهل البيت (عليهم السلام)
المحاضرة السابعة: حقيقة زيد الشهيد، بين ابن نما والشيخ المفيد
المركز الاعلامي / كربلاء المقدسة
أكمل سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد الأستاذ الصرخي الحسني (دام ظله)، الخميس 4/ جمادى الأولى/ 1435هـ، وقفته الثانية مع العلامة ابن نما الحلي في محاضرته السابعة ضمن سلسلة محاضرات (تحليل موضوعي في العقائد والتأريخ الإسلامي) وناقش سماحته ما أورده الحلي من رواية عن الامام الباقر (عليه السلام) “لاتسبوا المختار..”.
ولفت سماحته أنه لو جيء بمورد واحد يُبطل ما تبناه ابن نما الحلي فهو كافٍ في المقام، قائلاً: “يكفي الردّ التامّ الواحد عن تعدّد الردود في المقام”.
النهي عن السبّ خُلُق أهل البيت (عليهم السلام)
وردّ سماحته على المعترضين الذين لا يقبلون روايات النهي عن السب، على ما طرحه سماحة المرجع السيد الأستاذ الصرخي الحسني (دام ظله) في المحاضرة السادسة باعتراضهم بشتى الطرق والوسائل اللاعلمية واللاأخلاقية.
وتساءل قائلا: “ولا نعرف لماذا هذا العداء والنصب العملي والتطبيقي والسلوكي للاخلاق وأهل الاخلاق” وأضاف: “لماذا هذا النصب لمنبع الاخلاق وأصل الاخلاق واصحاب الخلق العظيم أهل البيت (سلام الله عليهم) ولجدهم العظيم الهادي الامين (سلام الله عليه)”.
وتابع سماحته أن “من يرفض النهي عن السب ويرفض التحلي بالخلق السامي الالهي بالتأكيد لا يمتلك الاخلاق” وأشار الى أنهم يعتبرون أي كلام أخلاقي وأي سلوك أخلاقي تعريضا بهم وكشفا لحقيقتهم وواقعهم ولنفوسهم المريضة. وتحدى سماحته أولئك المغرضين الذين شكلوا لجان الرد على محاضرات التحليل الموضوعي بالمنازلة العلمية الاخلاقية، قائلا: “نحن أهل للمنازلة،.. ردا على بعض المنتفعين”، مضيفا “لقد أدينا الأمانة في النصح والإرشاد والنهي والأمر ولكنهم لا يحبون الناصحين”. وتعزيزا لما ذكره في محاضراته السابقة وردّاً على أولئك المغرضين فقد ذكر سماحته العديد من الشواهد التأريخية الناهية عن السبّ معتبرا عدم السبّ هو تكريم وتقويم للسابّ وليس لمن يُسَبّ فالمنتهي عن السبّ ممتثل للجانب الشرعي. وذكّر سماحته بأنّ دخول الجنّة يكون بالأخلاق: “الذي يأخذ بيد الانسان ويجتاز جهنم ونيرانها هي الاخلاق.. ويعبر نحو الجنة”.
مناقب موضوعة للمختار!
وتابع سماحته النقاش مع الروايات التي ذكرها ابن نما الحلي في أحقية المختار الثقفي ورد سماحته على متن الرواية التي أشير فيها الى أن المختار قد دفع مهر أم الامام الباقر (عليه السلام) مشيرا الى عدم وجود أية رواية غير هذه الرواية واردة عن المعصومين (عليهم السلام) ولا عن غير المعصومين تحكي عن المهر المزعوم وبناء المختار لدور أهل البيت (عليهم السلام) خلال دولته العادلة – كما وصفها الحلي – وقد أثبت السيد الأستاذ الصرخي أن هذه الرواية ضعيفة السند وباطلة لاحتوائها على كذب فاحش، وتساءل خلال مناقشته للرواية عن علاقة مهر الأم بقضية السبّ، لافتا الى انه لو لم يكن المهر من المختار فهل يدخل في عدم الطعن والسب؟!
زيد بن علي (زيد الشهيد)
وتابع سماحته نقاشه مع ابن نما الحلي في رواية أخرى عن أبي حمزة الثمالي التي تحدثت عن أحقية زيد بن علي وأثبت خلال الطرح أن الزيدية هم من روّج لهذه الرواية، حيث احتوت الرواية على تفصيلات واشارات مخلة بالحياء وقدر الامام السجاد (عليه السلام) كما واستعرض سماحته موقف لزيد الشهيد فيما يخص ذهابه لهشام ابن الحكم في الشام وكيفية تعرضه للمذلة والاهانة هناك وبعد ذلك انتفض زيد كما تبين خلال الحديث والحوار بينه وبين ابن الحكم ان زيد كان ايضا يدعو الى امامته انذاك حين خاطبه ابن الحكم بانك أهّلت نفسك للخلافة ……وانت ابن أَمَة فكان ردّ زيد الشهيد أنّ النبي اسماعيل ايضا ابن أَمَة والنبوة أعظم من الإمامة والخلافة.
وعلى الصعيد ذاته رد السيد الأستاذ الصرخي ما تبناه الشيخ المفيد من تبرير لزيد بن علي لخروجه بالسيف واعتبره “مصادرة على المطلوب”، مشبها رأي المفيد بما تبناه ابن نما الحلي.
وأوضح سماحته قائلا: “لا نعطي عصمة للآخرين، أما غير أهل البيت فالكل خاضع للطعن والنقاش”. وفي التفاتة رائعة ومذهلة على بطلان متن الرواية الواردة عن أبي حمزة الثمالي كونها تتضمن تناقضا عجيبا، فقد ولد زيد سنة 78 هجري ووفاة المختار سنة 67 هجري فهذا يعني أن زيداً بقي في بطن أمه 11 سنة (بحسب الرواية)؟! كما أثبت سماحته أن الرواية ضعيفة السند وهي مدسوسة ومكذوبة.
لغز سنة ولادة (زيد)!
وأثار قضية خفية مرّت العلماء على مدى سنين طوال ألا وهي قضية سنة ولادة زيد بن علي (زيد الشهيد). وقد حقق السيد الأستاذ الصرخي تحقيقا تاريخيا رياضيا بحسب ما أورد ابن نما الحلي رواية أبي حمزة الثمالي عن الإمام السجاد (عليه السلام) وما ذكره الشيخ المفيد في كتاب (الإرشاد).
فقد أكد سماحته ملابسات هذا اللغز بقوله ’وكان مقتله يوم الاثنين من ليلتين خلتا من صفر سنة 120 هـ وكان عمره يومئذ 42 سنة، الآن نسبق الأحداث‘. وتساءل بصيغة رياضية ’متى توفى؟ في 120، وكم عمره الشريف؟ 42 لنطرح: 120 – 42 = 78‘.
وتابع سماحته: ’توجد بعض المدّعيات أنّه ولد في سنة 74 أو 75 هجري ولكن هؤلاء من قدّموا الزمن وجعلوه في هاتين السنتين اين اصطدموا؟ اصطدموا بقضية عمره الشريف، قضية عمر زيد مسلَّمة. عمره 42 سنة ومسلّم بأنّه توفي في سنة 120 أو 121‘.
وأردف سماحته ’ولادة زيد في 78 هجري ووفاة المختار كانت في سنة 67 هجري والآن لنحل اللغز المحير الذي عصي على الجميع الذي استحال ويستحيل على أي شخص حله. واللغز مفاده على شكل مقدمات ونتيجة:
المقدمة الأولى :- حسب الرواية التي نقلها ابن نما [قال الإمام السجاد (عليه السلام) :- قلت: ما اسمكِ؟ قالت: حوراء] اضطر الى أن أقرأ العبارة التي بعدها (عندما وضعت فارزة فانه بالاصل لا يوجد فارزة ولكن فرق بين هذه العبارة (حوراء) وبين الحرف من الكلمة التي بعدها هو (فاء تفريع) [فهيئوها لي وبت بها عروسا فعلقت بهذا الغلام فأسميته زيدا وسترى ما قلت لك] هذا متى حصل لما سأل أم بعدما سأل بأعوام؟ بعد أن سأل.
المقدمة الثانية :- فان الإمام (عليه السلام) قد واقع الجارية في حياة المختار.
المقدمة الثالثة :- وان الغلام (زيد) قد علق في رحم أمه في حياة المختار.
وهذا يعني ان أقصى سنة حصل فيها الحمل هي سنة وفاة المختار 67 هجري وهذا يعني ان بداية الحمل بزيد كان سنة 67هجري.
المقدمة الرابعة : – وثبت عندنا وحسب الإرشاد للمفيد وكذا غيره ان ولادة زيد كانت في سنة 78 هجري.
والنتيجة إن فترة الحمل بزيد هي 78– 67= 11 سنة.
والآن اللغز :- كيف بقي زيد في بطن أمه من سنة 67هجري إلى سنة 78 هجري؟‘
زيد الشهيد والموقف المذل في مجلس هشام بن عبد الملك وادّعاء الإمامة
واستعرض سماحته الموقف المذل لزيد الشهيد فيما يخص ذهابه لهشام بن عبد الملك في الشام وكيفية تعرضه للمذلة والاهانة هناك حيث أمر هشام الحاضرين بمجلسه أن يضيّقوا ويتزاحموا في المكان لكي لا يبقى مكان لزيد لالجلوس بالقرب منه ويكون الحديث معه عن بُعد. كما تبين خلال الحديث والحوار بينه وبين ابن عبد الملك أنّ زيدا كان ايضا يدعو الى إمامته حين خاطبه ابن الحكم بانك ’أهلّت نفسك للخلافة…وانت ابن امة‘، فكان رد زيد الشهيد ان النبي اسماعيل ايضا ابن امة والنبوة اعظم من الامامة والخلافة، مما يعني تسليمه بما قاله ابن عبد الملك من ادّعاء زيد الإمامة، ولم يبين ان الامامة ليست له.
المقارنة بين المجتهد الساكت والمتكلم قضية سالبة بانتفاء موضوعها
وقال سماحته بأن من لا يمتلك الأثر العلمي والساكت لا يقارَن مع من له الأثر العلمي، وانتقد بشدة المقارنة التي وصفها (سالبة بانتفاء موضوعها) مع الرموز الدينية التي لا تمتلك الأثر العلمي ولا أي شيء مطبوع أو مسجّل يدلّ على أنّه مجتهد أو غير مجتهد؟ في إشارة منه إلى الرموز الدينية التي لا تمتلك المباحث الأصولية والفقهية والأثر العلمي الملموس. واستشهد سماحته بمثال لتوضيح فكرة القضية السالبة بانتفاء موضوعها، بقوله ’ليس عندي لا بحث فقهي ولا أثر أصولي ولا عندي درس أو درس مسجل صوتيا ولا فيديويا.. لا أمتلك! أنا صفر من ناحية الأثر العلمي. لا امتلك أي شيء، لا درس ولا بحث مسجل ولا شيء مطبوع صدر في الخارج ولا مخطوط عندي صُوّر ورآه الآخرون‘. وتساءل مستنكرا ’الآن كيف أقيَّم أنا مجتهد أو ليس مجتهداً؟‘
وضرب سماحته مثالا آخر، قائلا: ’الآن عندما نتحدث عن جبل، الجبل يُخطيء أو لا يُخطيء؟ لا يُخطيء، لأنه سالبة بانتفاء موضوعها! هو أصلا لا يتكلّم!‘ وأضاف ’الحجر يُخطيء أو لا يُخطيء؟ لا يُخطيء لأنه لا يتكلم‘. وأردف سماحته قائلا: ’حتى في المقارنة.. عندما تريد أن تقارن.. عندما يصدر من الشخص 100 كلمة ويصدر من شخص آخر 1000 كلمة، لا يصح أن تقارن الخطأ من هذا تقول صدر خطأ من صاحب المائة وصاحب الألف صدر منه خمسة أخطاء. لا يصح! لأن الذي صدرت منه ألف كلمة الخمسة تعتبر 0.5 % بينما ذاك 1 % ، إذن هذا الذي أخطأ خمسة أخطاء هو أفضل من هذا الذي أخطأ خطأ واحدا!‘
القتل على الهوية لا يرتبط بمنهج أهل البيت (عليهم السلام)
وأكّد سماحته على ضرورة التعلم من حياة الأئمة (عليهم السلام) وكيف عاشوها في مجتمعاتهم حيث تجد أنّ من بين أسماء ذراريهم (عمر) و (عثمان) وكذلك من أصحاب الأئمة من رواة الاحاديث فيهم كثير من العمريين او العمري واسم (ابي بكر) وحتى (معاوية) و (يزيد). وحسب ما أسّسته وأفرزته الطائفية، علّق سماحته، ’فالمفروض وحسب النهج الطائفي أنّ حامل اسم عمر يذبح على الهوية القتل على الهوية لا يرتبط بمنهج أهل البيت (عليهم السلام) وكلنا يتذكر ويستحضر كم قتل شخص باسم علي وهو من اهل السنة بسبب الهوية وقتل شخص باسم عمر وهو شيعي بسبب الهوية ايضاً‘، في إشارة منه (دام ظله) إلى المنهج الطائفي الذي أُسّس على البغض والعداء والحقد والقتل واستئصال المقابل. وقال سماحته: ’خلال البحث صار عندي الكثير من الموارد وهذا من الموارد ايضا المفروض يسجل عندكم، لاحظوا! الإبن الخامس والسادس مَن؟ زيد ومَن؟ عمر. عمر لماذا لم يُذبح؟ ألم يُذبح على الهوية في زمن الإمام (سلام الله عليه)؟! هذا عمر … نريد نحن من هذا المكان أنّ نتعلم كيف كانت الحياة في زمن أهل البيت وكم من العمريين.. كان من أصحاب الإمام ومن رواة الأحاديث عن أهل البيت (سلام الله عليهم).. كم منهم (عثمان)، كم منهم كان يسمى بأبي بكر كم منهم كان يسمى بيزيد ومعاوية؟! فعلا تحصل مفاجئة عندما تجد الكم الهائل من هذه الاسماء التي كانت تسمى في زمن أهل البيت (سلام الله عليهم). والآن وصلنا الى أنْ يُقتل الشخص على الاسم! وكما تعلمون يوجد من قُتل باسم (عمر) وهو من أتباع مذهب أهل البيت (سلام الله عليهم) ويوجد من هو باسم (حمزة) او (علي) وهو من أتباع أهل السنّة‘.