ان الروايات التي وردت بصحيح البخاري حول الاسراء والتي تدل بحسب البخاري على ان النبي صلى الله عليه واله قد رأى ربه رؤية عين حقيقية بينما يذهب الجهمية رغم تسليمهم بان النبي قد رأى ربه الا ان تلك الرؤيا هي في المنام وكسائر منامات الناس وهذا مالا يقبله ابن تيمية ويتهم الجهمية بالضلال ويكفرهم بذلك
والجهمية هنا وقعو بين خيارين اما ان يخالفوا البخاري ولايقولوا برؤية الله رؤية عين حقيقية وينسبون الرؤيا للمنام فيتم تكفيرهم وقتلهم لنفيهم الرؤية الحقيقية او يخالفوا القرآن وسنة النبي صلى الله عليه واله التي تنفي مطلق الرؤيا لله تعالى ويقولون بأمكان رؤيته فاختار السير بما جاء في البخاري الا انهم جعلوا تلك الرؤية هي رؤية منام وانها كسائر المنامات للناس وهذا ما لايريده ابن تيمية .
فنقل ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية قول ابو بكر الخلال :
قال(الخلّال) ذكْرُ الإسراء، أخبرنا المَرُّوْذِيُّ قال: قلت لأبي عبد الله فَحُكِيَ عن موسى عن عقبة أنه قال:{إنَّ أحاديث الإسراء منام}، فقال أبوعبد الله: هذا كلام الجهمية، وَجَمَعَ(أبو عبد الله) أحاديثَ الإسراء وأعطانيها وقال {منام الأنبياء وحي}، وقرأ عليه سفيان قال عمرو سمعت عبيد بن عمير يقول {رؤيا الأنبياء وحي}، قال وأخبرني حمدويه الهمداني حدثنا محمد بن أبي عبد الله الهمداني حدثنا أبوبكر بن موسى عن يعقوب بن يختان قال: سألت (يعني أبا عبد الله) عن المعراج، فقال(أبو عبد الله):{رؤيا الأنبياء وحي}، قال وأخبرني عليّ بن عيسى أنَّ حنبلاً حدثهم قال(حنبل): سمعت أبا عبد الله وسألته فقال:{الجنَّة والنَّار قد خُلقتا، وفي هذا حجّة أنّ رؤيا الأنبياء في الأحلام رأيُ العين وليس حُلْمُهم كسائر الأحلام}،
قال الخلّال أخبرنا الحسن بن أحمد الكرماني حدثنا أبوبكر قال: حدثنا أبوأسامة عن سفيان عن سِماك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس:{إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا}يوسف4، قال(ابن عباس){كانت الرؤيا فيهم وحيًا}، حدثنا الحسن بن سلام..عن سعيد عن ابن عباس في قوله {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} قال(ابن عباس){كانت رؤيا وحياً}،أخبرنا علي بن حرب..عن عكرمة عن ابن عباس في قوله {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} قال(ابن عباس){هي رؤيا عين أريها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة أسري به}.
وأوضح المرجع الصرخي قول ابن تيمية :
(قال ابن تيمية):وذِكرُ الخلاّل لهذا مع هذه الأحاديث قد يقال: إنّما ذكره لقول أحمد {رؤيا الأنبياء في الأحلام رأي عين وليس حُلْمهم كسائر الأحلام}، وإنّ قوله رأي عين لاينفي أن يكون في المنام؛ لأنَّ في الصحيح عن ابن عباس {عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تنام عيناه ولا ينام قلبه ولهذا كان لا يتوضأ إذا نام}(إذن على قول ابن تيمية هنا وفتحه الجديد: إن النبي رأى ربه الشاب الأمرد في المنام ورأي عين)
(وقال ابن تيمية):{وكذلك فعل أبوبكر بن أبي عاصم في كتاب السنة له فإنه قال باب ما ذُكِرَ في رؤية نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ربه تبارك وتعالى في منامه، ثم ذكر حديث عكرمة عن ابن عباس في قوله {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} قال {هي رؤيا عين رآها النبي صلى الله عليه وآله وسلم}، فهذا يقتضي أنّها عنده رؤية عين وأنها في المنام، ثمَّ روى حديث سفيان عن سِماك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال {كانت رؤيا الأنبياء وحيًا}، وروى عن مصعب بن سعد عن معاذ {أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما رأى في نومه وفي يقظته فهو حقّ}،..
وعلق المرجع :
(أي أن رؤية الشاب الأمرد رؤية عين وإن كانت في المنام، فهي رؤيا حق، لأن رؤيا الأنبياء في المنام هي رؤيا عين، فقد شاهد الشاب الأمرد رؤيا عين)
واكمل ما قاله ابن تيمية حول ما نقله وذكره الخلال:
فهذا جملة ما ذكره الخلال،ومقصوده به تثبيت الإسراء وأنَّه حق وأنَّه مَن صغّر أمره بقوله هو منام وجَعَلَه بذلك من جنس منامات الناس، فهو جهميٌّ ضالٌّ}
فعلق سماحة المرجع الصرخي :
(هنا من أتهمهم ابن تيمية بالجهمية الضالين فقد فعلوا هذا حتى يتخلصوا من الوقوع في التوحيد الجسمي الأسطوري فقالوا:إن ما حصل في الإسراء هو في المنام وهو من جنس منامات الناس، بمعنى أنها رؤيا كباقي رؤيات الناس، وليست هي رؤيا حق واقعية، وهذا حسب ادعاء ابن تيمية عليهم، فابن تيمية يشنع عليهم بذلك ويقول لهم: أنتم تصغرون الله سبحانه عندما تقولون بأن رؤيا النبي لله في الإسراء هي رؤيا من جنس منامات الناس، مع أن هذا تدليس واضح، فالجهمي بين خيارين إما أن يكفر ويخرج عن الدين ويخالف البخاري، أو يخالف القرآن والنبي وسنته، فالرواية في البخاري تدل على أن رؤيا النبي لله في الإسراء هي رؤيا عين، فيضطر الجهمي حسب ما يتهمه ابن تيمية أن يبقى على خط البخاري ولا يتحمل القتل والتكفير والارتداد لكن يقول بأن هذه الرؤيا لله في الإسراء هي في المنام وهذا المنام كمنامات الناس، وما في المنام لا ينطبق على ما في الخارج، مع العلم أن جماعة ابن تيمية يبررون مثل هذه التبريرات)
وواصل سماحة المرجع تعليقاته :
أقول: الكلام وأسلوب الكلام فيه جهل وتغرير وكذب وافتراء، فلو سأل أي عاقل نفسه، لماذا يفعل الجهميّ الضالّ(المعتزلي والأشعري والشيعي) لماذا يقول بأن الإسراء قد حصل في المنام في كل موارده أو خصوص موارد الإسراء التي فيها تشبيه وتمثيل وتجسيم لله تعالى وتنزيله منزلة المخلوقين، فالجهمية ينزّهون الله ويقدّسونه عن الجسمية والمثلية والتشبيه فيلتجئون الى التأويل فيقولون انها رؤيا منام، وليس عندهم حل الا هذا التأويل فان الحلول الأخرى مُهلكة، فان قالوا بأن الروايات ساقطة فهذا يستلزم سقوطها من البخاري أيضا فهذا كفر أعظم عند التيمية يستحق فاعله القتل والخروج من الدين والملّة والإسلام، وإن قالوا برؤيا العين المستلزمة للتشبيه والتجسيم فقد خسروا الدنيا والآخرة لأن عبدوا جسما وثَنا!!! فاضطروا للتأويل والقول بأن الرؤيا في المنام!!
ب ـ (ثم قال ابن تيمية): {{ثم قال الخلال بعد ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم {رأيتُ ربي} فذكر أحاديث الرؤية ولم يذكر فيها حديث ابن عباس المتقدم في قوله {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}، فَدَلَّ الخلّال بذلك على أنَّ حديثَ ابن عباس هذا لم يقصد به نفس رؤية محمد صلى الله عليه وآله وسلم ربّه وإنما هو ما رآه ليلة المعراج مطلقًا، فالمطلق يحتمل رؤية محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم ربه، لكن فرق بين ما يحتمله اللفظ وبين ما يدلّ عليه..}}
أقول: تعليق1: تفكر ضيّق وعقل صغير عند تيمية والذي يستلزم عدم فِهْم المعنى الواضح المقصود، فعلماء وأئمة التيمية الذين يأتون بحديث الإسراء يأتون به كشاهد شرعي ودليل شرعي على القاعدة والأصل الشرعي في {أن رؤيا الأنبياء حتى التي في النوم فهي رؤيا عين}، فيطبقون هذا الأصل على رؤيا الرب في النوم فيثبت عندهم أنها رؤية عين!!!
تعليق2: كلام غريب لأنّه لا يصدر إلا عن شخص لا يعرف الدلالة اللغوية ولا يعرف الدال ولا المدلول فيها ولا يعرف منشأ الدلالة اللغوية وماهيتها، فهو لا يعرف معنى النص ومعنى الظاهر، ولا يعرف أن الظاهر حجة كما أنّ النص حجة، ولا يعرف أنّ دلالة اللفظ على معنى يستفاد من الإطلاق كما يُستفاد من العموم فيكون دالًا عليه وحجةً فيه، فالمعنى المطلق يدل عليه اللفظ بالمطابقة أو التضمن ويدخل ضمن المنطوق، فلا معنى لكلام شيخ تيمية أصلًا لأنّ المعنى المطلق يدل عليه اللفظ بالدلالة اللفظية، فهل جهل التيمية هذه الدلالة والمعاني اللغوية الواضحة والأساس في الفقه وأصول الفقه؟!!(( عندما يأتي ويقول: فالمطلق يحتمل رؤية النبي لربه لكن فرق بين ما يحتمله اللفظ وبين ما يدل عليه!! اللفظ يدل على المعنى المطلق والمعنى المطلق فيه مصاديق؛ فيه رؤيا الرب وفيه رؤيا غير الرب، فما معنى المقابلة بين المطلق وبين ما يدل عليه اللفظ؟! أو بين المطلق وبين ما يحتمله اللفظ؟! أو بين ما يحتمله اللفظ وبين ما يدل عليه اللفظ؟! فأي حصة من هذه الحصص التي يحتملها اللفظ؟ ليس عندنا ما يحتمله اللفظ؛ لأنّ اللفظ يدل على المطلق بالمطابقة أو بالتضمن. بعد أن دل على المعنى المطلق يأتي بعد هذا الحديث عن مصاديق المعنى، ولكن هذه أين يعرفها ابن تيمية، فهو يكفر المناطقة وأهل الكلام والفلاسفة، فهل يفهم هذه المعاني التي هي عبارة عن دار دور المنطق ودار دور الحكمة والكلام؟ ))