7 ـ قوله الأخير {{ فرؤية الله تعالى في المنام جائزة بلا نزاع بين أهل الإثبات وإنّما أنكرها طائفة من الجهميّة وكأنّهم جعلوا ذلك باطلًا وإلاَّ فما يمكنهم إنكار وقوع ذلك}} يُثبت لكلّ عاقل ما قلناه من عدم فهم تيميّة لمراد الرازي والجهميّة، وأنّ تيميّة يتحدّث في وادٍ غير واد الرازي ومطالبِه، فها هو تيميّة يقرّ ويعترف أنّ الجهميّة أو طائفة من الجهمية ومنهم الرازي لا نزاع عندهم مع أهل الإثبات بل وأهل الثبوت والوقوع، بل تأسيس بحوثهم ومبانيهم وتأويلاتهم يعتمد على فرض الصحّة وفرض الثبوت والإثبات بغض النظر عن صحّته وثبوته واقعًا أو عدم ذلك وعلى الأقل فهو يكون حجّة على من يعتقد صحّة الخبر ووقوع الرؤيا في اليقظة، بل ووقوعها في المنام أيضًا بالنسبة للجهميّة الذين يقدّسون الله تعالى وينزّهونه من التشبيه والتجسيم حتّى في المنام، قال: {{فرؤية الله تعالى في المنام جائزة بلا نزاع بين أهل الإثبات وإنّما أنكرها طائفة من الجهميّة وكأنهم جعلوا ذلك باطلًا وإلاَّ فما يمكنهم إنكار وقوع ذلك}}، (( إذن يقول هو واقع وفي المنام ويسلّمون بهذا ولا يمكن إنكاره لكن يوجد البعض منهم أنكر هذا الأمر لأنّه يخالف التقديس والتنزيه، إذن على هذا الأساس يكون كلّ أو جل الجهميّة يسلّمون بما ورد في الروايات أمّا بالتسليم المطلق من جانبهم أو بالتسليم بها على أساس أنّها حجّة على مَن يعتقد بها وعلى فرض التنزل وهم على هذا الأساس يناقشون، إذن ما علاقة الجهميّة بتصحيح رواية وتضعيف رواية ومعارضة رواية وطريق الرواية وراوي الرواية؟ فما علاقة هذا بما يريده الرازي؟!!))
مع ملاحظة أنّ الجهميّة منهم من يُنكر رؤيا العين في اليقظة فقط، ومنهم من ينكر رؤيا العين في اليقظة ورؤيا المنام أيضًا، ومنهم من ينكر رؤيا العين في اليقظة ورؤيا المنام ورؤيا القلب والفؤاد، فالله سبحانه وتعالى منزّه عن كلّ ذلك، والجهميّة أهل العقل والمعقول السائرون على نهج الرسول عليه وعلى اله الصلاة والتسليم في التوحيد والتنزيه والتقديس فإنّهم ينزّهون الله تعالى ويقدّسونه من كلّ ذلك، لكن وكما أشار التيميّة فإنّ بعضهم يخفون ذلك خوفًا وتقيّة من سلطان أو ردود فعل الناس، وكما يخاف ويتقي التيميّة الآن من الناس فلا يصرّحون بمعتقدهم الواقعي في التوحيد الجسمي الأسطوري الذي يعتقده أئمّتهم ابن تيميّة وباقي أئمّة التشبيه والتجسيم، قال أمير المؤمنين علي عليه السلام:
(1)قال عليه السلام: {إنَّهُ رَبٌّ خَالِقٌ غَيْرُ مَرْبُوبٍ مَخْلُوقٍ، كُلُّ مَا تُصُوِّرَ فَهُوَ بِخِلاَفِهِ} (( كلّ ما تصوره: في اليقظة في المنام في الإسراء في المعراج في القلب في الفؤاد، كلّ ما تصوره فهو بخلافه ))
(2) وقال عليه السلام: { لاَ تَنَالُهُ الأوْهَامُ فَتُقَدِّرَهُ، وَلاَ تَتَوَهَّمُهُ الْفِطَنُ فَتُصَوِّرَهُ، وَلاَ تُدْرِكُهُ الْحَوَاسُّ فَتُحِسَّهُ، وَلاَ تَلْمِسُهُ الأيْدِي فَتَمَسَّهُ}،
(3)وقال عليه السلام: { مَا وَحَّدَهُ مَنْ كَيَّفَهُ، وَلاَ حَقِيقَتَهُ أَصَابَ مَنْ مَثَّلَهُ وَلاَ إيَّاهُ عَنَي مَنْ شَبَّهَهُ، وَلاَ صَمَدَهُ (قَصَدَهُ) مَنْ أَشَارَ إلَيْهِ وَتَوَهَّمَهُ}.
(4) وقال عليه الصلاة والسلام: {مَعَ كُلِّ شَيءٍ لاَ بِمُقَارَنَةٍ وَغَيْرُ كُلِّ شَيءٍ لاَ بِمُزَايَلَةٍ}.
(5)وقال عليه الصلاة والسلام: { لَمْ يَحْلُلْ فِي الاَشْيَاءِ فَيُقَالَ: هُوَ فِيهَا كَائِنٌ، وَلَمْ يَنَأَ عَنْهَا فَيُقَالَ: هُوَ مِنْهَا بَائِنٌ}.
(6) وقال عليه السلام: { لَيْسَ فِي الاَشْيَاءِ بِوَالِجٍ، وَلاَ عَنْهَا بِخَارِجٍ. يُخْبِرُ لاَ بِلِسَانٍ وَلَهَواتٍ، وَيَسْمَعُ لاَ بِخُروقٍ وَأَدَوَاتٍ}.
(7)وقال عليه السلام: { الخَالِقُ لاَ بِمَعْنى حَرَكَةٍ وَنَصَبٍ، وَالسَّمِيعُ لاَ بِأَدَاةٍ، وَالبَصِيرُ لاَ بِتَفْرِيقِ آلَةٍ، وَالشَّاهِدُ لاَ بِمُمَاسَّةٍ، وَالبَائِنُ لاَ بِتَراخِي مَسَافَةٍ، وَالظَّاهِرُ لاَ بِرُؤْيَةٍ، وَالبَاطِنُ لاَ بِلَطَافَةٍ، بانَ(بَانٍ) مِنَ الاَشْيَاءِ بِالقَهْرِ لَهَا وَالقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَبَانَتِ الاَشْيَاءُ مِنْهُ بِالخُضُوعِ لَهُ وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ}.
مقتبس من المحاضرة { 13} من بحث
” وقفات مع…. توحيد التيمية الجسمي الأسطوري”
بحوث : تحليل موضوعي في العقائد و التاريخ الاسلامي للمرجع الديني الاعلى السيد الصرخي
29 ربيع الثاني 1438 هـ 28-1-2017مـ