احدث المحقق المرجع السيد الصرخي الحسني التفاتة تحقيقية رائعة في تعليقة على ما ذكره الذهبي في كتاب سير اعلام النبلاء عن كعب الاحبار ، فقد ذكر الذهبي ان جملة من الصحابة رووا عن التابعي كعب الاحبار وعد ذلك (نادر عزيز) في هذه الرواية [ هو كعب بن ماتع الحميري اليماني العلامة الحبر ، الذي كان يهوديا فأسلم بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – وقدم المدينة من اليمن في أيام عمر رضي الله عنه ، فجالس أصحاب محمد- صلى الله عليه وسلم – فكان يحدثهم عن الكتب الإسرائيلية ، ويحفظ عجائب ويأخذ السنن عن الصحابة . وكان حسن الإسلام، متين الديانة ، من نبلاء العلماء .
حدث عن : عمر،وصهيب، وغير واحد . حدث عنه : ابو هريرة ،ومعاوية وابن عباس، وذلك من قبيل رواية الصحابي عن التابعي ، وهو نادر عزيز]
وقد تناول المحقق الصرخي موضوع رواية الصحابي عن التابعي بتحقيق ملفت للنظر واسهب فيما تناوله الذهبي عن هذه الحالة النادرة ،جاء هذا خلال المحاضرة التاريخية الثالثة والثلاثين التي القاها عبر الانترنت بتاريخ 12 شباط 2015 الموافق 22 ربيع الثاني 1436.
حيث تحدث المرجع الصرخي عن حالة رواية الصحابي عن التابعي التي عدها الذهبي (نادر عزيز) بقوله ” اذن صحابي تحدث عن تابعي ، ابو هريرة صحابي ومعاوية صحابي وابن عباس صحابي ، كيف رووا عن تابعي ؟ كل انسان يسأل يقول : لما يروي صحابي عن تابعي ، اي الانصراف الذهني في الرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فكيف صحابي عن تابعي ؟ ”
وفصّل المرجع الصرخي ذلك بقوله ” نقول يوجد صحابي نقل رواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سمعها التابعي ، يوجد صحابي آخر سمع من التابعي نقل عن الصحابي الاول ، على سبيل المثال نقول : زيد (تابعي) روى عن الخليفة الاول عن ابي بكر (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهذا التابعي سمع رواية ابي هريرة ، فالتابعي حدث ابا هريرة بقول : حدثني ابو بكر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيأتي ابو هريرة يروي عن هذا التابعي عن ابي بكر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه رواية صحابي عن تابعي يقول الذهبي نادر عزيز وهذا الانصراف الاول ”
واضاف المحقق الصرخي ” الان لما روى ابو هريرة ومعاوية وابن عباس عن كعب فهل رووا رواية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بوساطة كعب ام كعب سمع من الخليفة الثاني او سمع من غيره من الصحابة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فنقل الرواية لأبي هريرة او لمعاوية او لأبن عباس ، هل هذا الذي حصل ؟؟ او انهم حدثوا عنه الاسرائيليات او الحديث من هنا ومن هناك ؟ ” وتابع سماحته ” اي كعب روى ما سمع من الخليفة الثاني عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكعب روى ما فعله وما قاله الخليفة الثاني ايضا فنقله الى ابي هريرة ومعاوية وابن عباس وايضا كعب نقل لأبي هريرة ومعاوية وابن عباس الاسرائيليات فهم نقلوا عن كعب ما حكاه عمر وما رواه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بوسطامة احد الصحابة وايضا الاسرائيليات التي اتى بها ؟ هذا البحث لكم وهذا للتفصيل لكم ”
انا اسأل :- من الاكثر شهرة ، من الاقرب صحبة ، من الازهد ، من الاحفظ ، من الاوفق ؟ ابو هريرة ام صهيب ؟ ابن عباس ام صهيب ؟ عند البعض معاوية ام صهيب ؟
لاحظ ، هنا حدث عن عمر وصهيب وغير واحد ، طبعا غير واحد ممكن تشمل ابا هريرة وتشمل معاوية وتشمل ابن عباس لكنه لم يذكر ابا هريرة ولا معاوية ولا ابن عباس في (حدث عن) وانما ذكرهم في (حدث عنه) يعني هم حدثوا عن كعب ولم يذكر ان كعب حدث عنهم ، اذن هذه يرجع اليها ويرجى التحقيق فيها
سيأتي الكلام ان ابا هريرة تعلم منه الاسرائيليات وهو اخذ السنة من ابي هريرة ، هذا علم هذا وهذا علم هذا ، الان لنبحث هل ان كعب روى عن ابي هريرة ؟ اذا كان روى عن ابي هريرة لماذا لم يكذر هنا ، وابو هريرة رمز من رموز الرواية لماذا لم يقل : حدث عن عمر وابي هريرة وصهيب وابن عباس
ابن عباس حبر الامة اذا كان قد حدث عنه كعب ايضا لقال : حدث عن عمر وابي هريرة وابن عباس ، وهذا نفس الكلام في معاوية . فاذا لم نجد رواية لم نجد حكاية لم نجد ما يشير الى ان كعب قد حدث عن ابي هريرة وعن معاوية وعن ابن عباس والكلام مع ابي هريرة في مقام البحث
يعني هذا : هل كعب اخذ من ابي هريرة ام فقط ابو هريرة اخذ من كعب ؟ التفت جيدا ارجع ودقق في هذا ، فاذا وجد بأن ابا هريرة لم يرو ِ عن كعب ماذا يعني هذا ؟ وان كعباً لا يروي عن ابي هريرة ؟ هل ها يعني ان هذا اخذ من هذا وهذا اخذ من هذا ؟ اطلاقا لا يعني هذا ، اي ان ابا هريرة روى عن كعب اي اخذ الاسرائيليات من كعب فروى عن كعب وكعب هل اخذ من ابي هريرة الاسلاميات ، السنة الصحيحة ورواها ؟ لم يرو ِ اي شيء ! اذن لا يصح الكلام نقول اخذ من ابي هريرة وابو هريرة اخذ منه ، فقط هذه اشارة للمحققين والمدققين !!
وتعد هذه الالتفاتة في عالم التحقيق اشكال واضح على شمس الدين الذهبي الذي عدوه البعض من ابرز علماء الحديث رواية ودراية جامعا بين ميزتين لم يجتمعا إلا للأفذاذ القلائل في تاريخنا، فهو يجمع إلى جانب الإحاطة الواسعة بالتاريخ الإسلامي حوادث ورجالاً، المعرفة الواسعة بقواعد الجرح والتعديل للرجال، فكان وحده مدرسة قائمة بذاتها .