القى المرجع الديني السيد الصرخي الحسني محاضرته الاصولية الثانية في برانيه الموافق 18 نيسان 2014
واكد المرجع الديني ان المشرع العاقل يحدث الناس بما يفهمون ويعرفون ويستجيبون وبما يحتج عليهم فلو كانت دلالة الدليل اللفظي ترتبط بنظام الارقام فالتمهيد يكون بالأرقام ولو كان مرتبط بالسحر فيكون التمهيد بالسحر وأوضح ان دلالة اللفظ مرتبطة بالنظام اللغوي العام من خلال
1- في كل لغة تقوم علاقات بين مجموعة من الالفاظ ومجموعة من المعاني
2- – يرتبط كل لفظ بمعنى خاص ارتباط يجعلنا كلما تصورنا اللفظ انتقل ذهننا فورا الى تصور المعنى
مؤكدا ان الدلالة : عملية او حالة ان الذهن اذا تصور شيئا انتقل الى الشيء الاخر الملازم لهذا
مضيفا ان تصور كلمة الماء يؤدي الى تصور ذلك السائل الخاص اي ان العلاقة بين تصورين اللفظ (دال) والمعنى (مدلول) وان العلاقة بين تصور اللفظ وتصور المعنى تشابه الى درجة ما العلاقة بين النار والحرارة او طلوع الشمس والضوء فكما ان النار تؤدي الى الحرارة وطلوع الشمس يؤدي الى الضياء كذلك تصور اللفظ يؤدي الى تصور المعنى ولأجل هذا ان تصور اللفظ سبب لتصور المعنى لافتا الى ان تصور اللفظ وتصور المعنى مجالها الذهن اي “الوجود الذهني” ، اما علاقة السببية بين النار والحرارة مجالها الخارج “الوجود الخارجي “.
وتحت عنوان (منشأ علاقة السببية بين اللفظ والمعنى( متسائلا سماحته من اين نشأت علاقة بين اللفظ والمعنى الخاص له ولم تحصل بين اللفظ وبين معنى آخر او معنى ولفظ آخر؟ مضيفا كيف اصبح تصور اللفظ سببا لتصور المعنى مع ان المعنى واللفظ شيئان مختلفان كل الاختلاف ؟
وانتقل سماحته الى الاتجاهات التي تفسر علاقة السببية بين اللفظ والمعنى قائلا ” في علم الاصول عادة اتجاهان 1- الذاتي 2- الموضوعي ” حيث عرف الاتجاه الذاتي : الاعتقاد ان علاقة اللفظ بالمعنى نابعة من طبيعة اللفظ ذاته كما نبعت علاقة النار بالحرار من طبيعة النار ذاتها . وقد بين سماحته عندما توجد شمس ينصرف الذهن الى النهار وعند الغرب ايضا ينصرف ذهنه للنهار فهذه دلالة ذاتية وبالمقابل اذا وجد لفظ الماء يدل على السائل اما عند الغرب لا ينصرف ذهنه الى هذا السائل اي ان العلاقة ليست ذاتية.
وفي ذات السياق استحضر سماحته العديد من الردود على نظرية عالم السبيط النيلي متسائلا ” لا اعرف كيف يربط عالم سبيط بين كلمتي ماء و water ؟ ” وتابع السيد الصرخي ان عالم سبيط ادلته مهزلة وسخرية كما في ابريق والذي يوضع به water فبما ان حرف الراء هو نفسه في لفظ ابريق ولفظ water فهذا الدليل على ذاتية العلاقة بين الالفاظ والمعاني ، وهذا من سخرية الدليل .
وتعليق له على الاتجاه الذاتي بقوله ” اذا كانت ذاتية وغير نابعة من سبب خارجي وكان اللفظ يدفع الذهن البشري الى تصور معناه فلماذا غير العربي يعجز عن تصور السائل بكلمة ماء ؟ ”
وتحدث السيد الصرخي عن الاتجاه الموضوعي (اعتبار ، تعهد ، قرن اكيد) ويعني بالاعتبار ان العلاقات اللغوية بين المعنى واللفظ نشأت على يد الشخص الاول فهو خصص الفاظ معينة لمعان خاصة وأصبح كل لفظ يدل على معناه الخاص مضيفا التخصيص الذي مارسه الاوائل يسمى الوضع ويسمى الممارس له واضعا واللفظ موضوعا والمعنى موضوعا له اما نحن نستعمل اي نستعمل اللفظ للدلالة على المعنى
واكد السيد الصرخي ان هذا الاتجاه وان كان في حق ابطل الاتجاه الذاتي فهو لم يفلح في التفسير في المشكلة التي ما زالت قائمة على فرضا ان علاقة السببية نشأت لعمل قام به مؤسسو اللغة فما هو العمل الذي قام به المؤسسون ؟ فنجد ان المشكلة مازالت قائمة لافتا الى اذا حققنا الوضع فهو لا يكون عاما فلم تحصل علاقة سببية لأن اللفظ والمعنى لا يوجد بينهما علاقة ذاتية ولا اي سبب معللا ذلك ” كلنا نعلم ان المؤسس يعجز من جعل حمرة الحبر سببا لحرارة الماء ولو كرر المحاولة مئة مرة يقول خصصت حمرة الحبر لكي تكون سبب لحرارة الماء !!” وكذا الامر بالنسبة لنظرية التعهد فمجرد ان يتعهد الشخص ان لايأتي باللفظ الا وهو قاصدا ذلك المعنى لايحقق السببية والعلاقة بين اللفظ والمعنى وقد اعطى سماحته اكثر من مثالا للتطبيق على عدم تمامية نظرية الاعتبار والتعهد منها لو اننا اعتبرنا او تعهدنا كمجموعة هنا بان نجعل لفظ الماء لهذا الشيء مشيرا بذلك الى القلم فهل سيكون هذا الوضع كافيا عند الاخرين وتصبح العلاقة بين اللفظ والمعنى سببية ؟
وتحدث السيد الصرخي عن قانون القرن الاكيد الذي تبناه السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) مؤكدا انه هو قانون من قوانين الذهن البشري القانون العام هو ان كل شيئين اذا اقترن تصور احدهما بتصور الاخر في الذهن مرارا عديدة ولو بالصدفة قامت بينهما علاقة .
واختتم السيد الصرخي بتكرار الدعوة الى اتباع القحطاني وفلاح برهان وابن كاطع لحضور محاضرات الاصول او التاريخ منتقدا مطالبتهم بتوجيه دعوى رسمية ان الدعوى التي يوجهها هو بنفسه هي دعوى رسمية بحد ذاتها .
يذكر ان السيد الصرخي له العديد من البحوث الاصولية وخصوصا شرحه للحلقات الاصولية الثلاثة بأسلوب علمي جديد وبإشكالات وتعليقات تامة في المقام .