بِفَضْل الله وَتَسْدِيدِه نَمْتَثِلُ لِوجُوبِ النُّصْحِ وَمُوَاجَهَة الفِتَن وَأَفكَارِ الشَّعْوَذَةِ وَالخُرَافَةِ وَالتَّدْلِيسِ وَالتَّطَرّف وَمِنَ الله التَّوفِيق.
أ- قَالَ سُبْحَانَه فِي كِتَابِهِ الكَرِيم:{مَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف٢٩]]، وَالمَعْنَى وَاضِح.
ب- ذَكَرْنَا: [لا تَقلِيدَ في أصول الدّين…لَا تَقلِيدَ فِي العَقَائِد]، فالتّقْلِيدُ مُخْتَصٌّ بِفرُوعِ الدّين، فِي الأحْكَامِ الشَّرْعِيّةِ العَمَلِيَّةِ، التَّكْلِيفِيَّةِ وَالوَضْعِيَّة، وَالّتِي نَجدُهَا عَادَةً فِي الرَّسَائِل العَمَلِيَّةِ، وَأمَّا أصُولُ الدِّينِ وَمَا يَرْجِعُ إلَيْهَا مِن اعْتِقَادَات فَلَا تَقْلِيدَ فِيهَا، وَعَلَى الإنْسَانِ المُكَلّفِ، وَبِحَسَبِ مُسْتَوَاه الذِّهْنِيّ وَقُدْرَتِه، أنْ يَبْذُلَ جُهْدَهُ فِي البَحْثِ وَالتَّدْقِيقِ وَالمُقَارَنَةِ وَالمُفَاضَلَةِ، حَتَّى يَحْصُلَ عِنْدَهُ اليّقِينُ وَالاطْمِئْنَانُ لِمَا يَخْتَار.
ج- قُلْنَا: [أمورٌ لَا تُرضِي الطّـائفِيّ وَالتّكفِيريّ مِن كُلّ المَذَاهِب!! لَكِنّها تُوافقُ وَاقِعَ وَسَطِيّةِ الدّينِ وَالضّمِير وَالأخلَاق]، وَهَذَا وَاقِعٌ وَمُؤَكَّدٌ، حَيْثُ إنّ الصِّدْقَ وَالإنْصَافَ وَالوَسَطِيَّةَ وَالاعْتِدَالَ، لَا تُرْضِي النّفُوسَ المَرِيضَةَ المَشْحُونَةَ بِالكُرْهِ وَالبَغْضَاءِ وَالطّائِفِيَّةِ وَالتَّطَرُّفِ، خَاصَّةً مَعَ تَلَوُّثِ المُجْتَمَعَات بِالسِّيَاسَةِ وَمَكْرِ التَّسَلُّطِ وَالشَّعْوَذَةِ وَالاسْتِئْكَال، المَقْرُونِ بِسُوءِ الخُلُقِ وَالانْحِلَال!!
عُمَر(رَضِيَ اللهُ عَنْه)…….إيوَانُ كِسْرَى…بَيْنَ الدِّين وَالتَّنْجِيم!!
الأوّل ـ عُمَرِيّ بَكْرِيّ…. بِشَهَادَةِ وَتَزْكِيَةِ عَلِيّ(عَلَيْه السَّلام)
١- قَالَ الإمَامُ عَلِيّ(عَلَيه السَّلَام):{[لِلَّهِ بَلَاءُ(بِلَاد) فُلَانِ(عُمَر)]..[فَلَقَدْ قَوَّمَ الْأَوَدَ وَدَاوَى الْعَمَدَ]..[وَأَقَامَ السُّنَّةَ وَخَلَّفَ الْفِتْنَةَ]..[ذَهَبَ نَقِيَّ الثَّوْبِ، قَلِيلَ العَيْبِ]..[أَصَابَ خَيْرَهَا وَسَبَقَ شَرَّهَا]..[أَدَّى إِلَى اللهِ طَاعَتَهُ، وَاتَّقَاهُ بِحَقِّهِ]..[رَحَلَ وَتَرَكَهُمْ فِي طُرُقٍ مُتَشَعِّبَةٍ لَا يَهْتَدِي بِهَا اَلضَّالُّ وَلَا يَسْتَيْقِنُ اَلْمُهْتَدِي]}[نَهْج البَلاغَة لِلرّضي، شَرْح نَهْج البَلاغَة١٢ لِابْنِ أبِي الحَدِيد، تَارِيخ الطَّبَرِي٣، البِدَايَة وَالنّهَايَة٧ لِابْنِ كَثِير].
٢ – لَا كَلَامَ بَعْدَ شَهَادَةِ أمِيرِ المُؤمِنِينَ(عَلَيه السّلام) وَتَزْكِيَتِهِ الوَاقِعِيّةِ لِلْخَلِيفَةِ عُمَر(رض)، خَاصَّةً، أنَّهَا جَاءَت بَعْدَ أحْدَاثِ الرّزِيَّةِ وَالسَّقِيفَةِ وَبَيْعَةِ الخِلَافَة وَحَادِثَةِ بَيْتِ فَاطِمَةَ(عَلَيْهَا السَّلَام).
٣- اسْتَخْلَفَ عُمَرُ عَلِيًّا(عَلَيهما السَّلام) عَلَى المَدِينَة، وَطَلَبَ مَشُورَتَه، وَقَد نَصَحَه عَلِيٌّ(عَلَيه السَّلام) بِعَدَمِ الخُرُوجِ بِنَفْسِه لِقِتَالِ الرُّوم، فَقَالَ لَه(عَلَيهما السَّلام): {إِنَّكَ مَتَى تَسِرْ إِلَى هَذَا اَلْعَدُوِّ بِنَفْسِكَ فَتَلْقَهُمْ فَتُنْكَبْ، لَا يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ كَهْفٌ(كَانِفَةٌ) دُونَ أَقْصَى بِلَادِهِمْ، لَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ رَجُلًا مِحْرَبًا…فَإِنْ أَظْهَرَ اَللهُ فَذَاكَ مَا تُحِبُّ، وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى كُنْتَ رِدْءًا لِلنَّاسِ وَمَثَابَةً لِلْمُسْلِمِينَ}[نَهْج البَلاغَة، شَرْح النّهْج٨ لِابْنِ أبِي الحَدِيد، مِنْهاج البَراعَة للراوندي، تَارِيخ الطّبَري٣].
٤- إذَا كَان الإمَامُ عَلِيّ(عَلَيْه السَّلَام) عُمَرِيًّا، فَالوَاجِب عَلَى كُلِّ شِيعِيٍّ صَادِقٍ أنْ يَكونَ عُمَرِيًّا، حُبًّا لِعَلِيّ وَاقْتِدَاءً بِعَلِيّ وَمُوَالَاةً لِعَلِيّ(عَلَيْه السَّلام)، وَهَذَا هُوَ الدِّينُ وَالعَقِيدَةُ وَالعَقْلُ وَالأخْلَاق.
٥- عُمَرُ(رض) شَاوَرَهُ فَنَصَحَهُ عَلِيّ(عَلَيْه السَّلام) بِعَدَمِ الخُرُوجِ بِنَفْسِه لِقِتَال الفُرْس، فَقَالَ لَه(عَلَيْهما السَّلَام): {[مَكَانُ اَلْقَيِّمِ بِالْأَمْرِ مَكَانُ اَلنِّظَامِ مِنَ اَلْخَرَزِ يَجْمَعُهُ وَيَضُمُّهُ فَإِنِ اِنْقَطَعَ اَلنِّظَامُ تَفَرَّقَ وَذَهَبَ ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعْ بِحَذَافِيرِهِ أَبَدًا]..[فَكُنْ قُطْبَا وَاسْتَدِرِ اَلرَّحَى بِالعَرَبِ وَأَصْلِهِمْ]..[دُونَكَ نَارَ الحَرْبِ فَإِنَّكَ إِنْ شَخَصْتَ مِنْ هَذِهِ اَلْأَرْضِ، اِنْتَقَضَتْ عَلَيْكَ اَلْعَرَبُ مِنْ أَطْرَافِهَا وَأَقْطَارِهَا، حَتَّى يَكُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَكَ مِنَ اْلَعَوْرَاتِ أَهَمَّ إِلَيْكَ مِمَّا بَيْنَ يَدَيْكَ]..[إِنَّ اَلْأَعَاجِمَ إِنْ يَنْظُرُوا إِلَيْكَ غَدًا، يَقُولُوا: “هَذَا أَصْلُ اَلْعَرَبِ، فَإِذَا اِقْتَطَعْتُمُوهُ اِسْتَرَحْتُمْ”، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَشَدُّ لِكَلَبِهِمْ عَلَيْكَ وَطَمَعِهِمْ فِيكَ]}[نَهْج البَلاغَة، شَرْح النّهْج٨ لِابْنِ أبِي الحَدِيد، مِنْهاج البَراعَة للراوندي، تَارِيخ الطّبَري٣].
٦- إنَّ الاعْتِقَادَ بِإمَامَةِ عَلِيّ(عَلَيه السّلام) وَعِصْمَتِه وَأَنَّهُ نَفْسُ النَّبِيّ(صلّى الله عَلَيه وَآلِه وَسَلّم) يَْسْتَلْزِمُ يَقِينًا: “تَقْدِيمَ[تَزْكِيَةِ وَرِضَا عَلِيّ عَنْ عُمَر(عَلَيْهمَا السَّلام)] عَلَى[غَضَبِ فَاطِمَة(عَلَيها السّلام)]، خَاصَّةً، أنَّ الرِّضَا مُتَأخِّرٌ وَمُمْتَدٌّ زَمَانًا طَوِيلًا.
٧- فِي تَارِيخ اليَعْقُوبِي٢ قَالَ: {أرَادَ أبُو بَكْر(رض) أنْ يَغْزُوَ الرُّوم فَاسْتَشَارَ عَلِيًّا(عَلَيْه السَّلام)، فَأشَارَ لَه أنْ يَفْعَل، وَقَالَ(عَلَيْه السَّلام): [إنْ فَعَلْتَ ظَفَرْت]، فَقَالَ أبُو بَكْر(رض): [بُشِّرْت بِخَيْر]}.
٨- لَمّا عَزَمَ أبُو بَكْر(رض) أَنْ يَخْرُجَ إِلَى أَهْلِ الرِّدَّة وَقَدْ شَهَرَ سَيْفَه، قَالَ عَلِيٌّ(عَلَيه السَّلام): {أَقُولُ لَكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ(صلّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمَ) يَوْمَ أُحُدٍ: [شِمْ(أَغْمِدْ) سَيْفَك وَلَا تَفْجَعْنَا بنَفْسِكَ(وَأَمْتِعْنَا بِنَفْسِكَ)]، وَارْجِعْ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَاللهِ لَئِنْ فُجِعْنَا بِكَ، لَا يَكُونُ لِلْإِسْلَامِ نِظَامٌ أَبَدًا}، فَرَجَعَ(رض) وَأَمْضَى الْجَيْشَ.[شَرح نَهج البَلاغة(١٤،١٣) لابن أبي الحَدِيد، أنساب الأشراف١ للبلاذري، تَارِيخ دِمَشق٣۰ لابن عَسَاكر، مُخْتَصَر تَارِيخ دِمَشق١٣ لابْن مَنْظور،النِّهَايَة۲ لابْن الأثِير، تَارِيخ الخُلَفَاء للسّيُوطِي، الفَائِق۲ للزّمخشري،البِدَايَة وَالنّهاية٦ لابن كَثِير، لِسَان العَرب١۲ لابن مَنظور، تَاج العَروس٣۲ للزبيدي، الإمَامَة وَأهل البَيت٣ لبيومي، حَيَاة الصَّحَابَة۲ للكاندهلوي، غَرِيب الحَدِيث۲ للخطابي].
لمشاهدة البث المباشر على:
الفيس بوك : https://www.facebook.com/Alsarkhyalhasny/
اليوتيوب : https://www.youtube.com/watch?v=kvLOIpDLU68